طلب فتوى
الصلحالفتاوىالمعاملات

حكم الصلح في قضية قتل

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الأخوة / أسرة (س) .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

تحية طيبة وبعد :

        فبالنظر لكتابكم المتعلق بطلب الصلح بينكم وبين أسرة (ص) – رحمه الله – وفض النزاع الحاصل بين الأسرتين.

فالجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .

أما بعد :

        فإن الشريعة الإسلامية جاءت بما فيه خير وصلاح العباد في دنياهم وأخراهم، ومن أعظم الأمور التي حذرتنا منها شريعتنا سوء ذات البين، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ” ألا أدلكم على أفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة، قالوا: بلي يا رسول، قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين” أخرجه أبو داود وابن حبان من حديث أبي الدرداء.

بل قد بين ربنا سبحانه وتعالى أن النزاع والشتات والخصام سبب في حصول الفشل والضعف، قال سبحانه وتعالى: { وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ }، ولم يزل الشيطان بابن آدم يوقع بينه وبين إخوانه العداوة والبغضاء ويفرق بين المسلمين، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ” إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكِنْ فِى التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ ” أخرجه مسلم.

فالواجب على المسلمين جميعاً الرجوع لدين الله، وتحكيم عقولهم حالة الغضب، فالأمر كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم – : ” ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب” أخرجه مسلم.

أما هاتان الأسرتان المتنازعتان، فإني أوصيهم أن يتقوا الله عز وجل، وأن ينبذوا أسباب الشقاق والنزاع، وأن يتصالحوا فيما بينهم، قال تعالى: { وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}.

كما لا يجوز لهم الركون إلى أي شيء من شأنه زيادة الفتنة وإيقاضها؛ لأنه قد يؤول بهم الأمر إلى حال لا يحمد عقباه.

أما بشأن الأخت التي قتلت ـ رحمها الله تعالى ـ فإنه لا يجوز الانتقام من أي أحد بمجرد الشك، بل يجب على أوليائها أن يتحروا، ويقيموا البينة على من قتلها، ويقدمونه لجهات الاختصاص؛ لأن استفاء الحقوق وتطبيق الحدود لا يؤخذ باليد والقوة بل هناك جهات ذات اختصاص للنظر في خصومات الناس فيجب طاعتهم والإذعان لأمرهم.

ختاماً: أكرر وصيتي لكم بتقوى الله عز وجل، وأذكركم قول الله تبارك وتعالى: { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ” كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله” أخرجه مسلم .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

 

                                                          

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

                                                                                                     مفتي عام ليبيا

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق