طلب فتوى
الغصب والتعديالفتاوىالمعاملات

حكم تملك الأملاك المستردة، ومزارع الاكتفاء الذاتي

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (1630)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

بعد الاحتلال الإيطالي استولت الحكومة الإيطالية على بعض الأراضي، التي هي ملك للمواطنين بالقوة، وقامت باستصلاحها، وبعد الاستقلال – وفي العهد الملكي – رجع الناس إلى أراضيهم، وصاروا يفلحونها دون أن يزيلوا عنها حكم الغصب، واستمروا على هذه الحال حتى أول عهد الطاغية، وبالتحديد سنة 1978م، حيث استردتها الحكومة، وجعلتها ملكا لها، وأنشأت عليها مشاريع زراعية، فيما سُمي بمزارع الاكتفاء الذاتي، حيث قُسمت على بعض المواطنين بعقود انتفاع، وهي على هذا الحال إلى الآن، فهل هذه الأراضي تعتبر ملكًا للدولة، بناء على القوانين المتبعة في ذلك الوقت، أم أنها تعود إلى أصحابها الأصليين، الذين لديهم حجج تثبت ملكهم لها؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فقبل السؤال عما قامت به الدولة عام (78)، ينبغي التثبت من واضعي اليد على المزارع في ذلك الوقت، فمن كان منهم مالكا ملكا شرعيا بشراء، أو كانت الأرض في الأصل غصبها منه أو من أجداده الإيطاليون، ولم يكن أجداده قد باعوا للإيطاليين، فمن كان كذلك فلا يحق للدولة أن تخرجه من أرضه، ويكون ما قامت به الدولة بموجب تلك القوانين هو من استباحة ممتلكات الناس بالظلم، وكلّ ما حصل بموجب هذا القانون في ذلك الوقت مما يُعدُّ تعدّيا وغصبا، لا يثبت به ملك، إلا إذ عوّضت الدولة أصحاب تلك الأراضي، ورضيَ أصحابها بالتعويضات المعطاة لهم، أما إذا لم تدفع الدولة لهم عوضًا ـ كما هو الظاهر من سؤالكم ـ أو دفعت عوضًا بخسًا لم يرضَوا به، فلا يثبت به حق، ويبقى الحق لأصحابه، وكل ما حصل بموجب هذا القانون مِنْ تَمَلُّكٍ للأملاك بدون رضا أصحابها يعد باطلًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) [البيهقي:5492]، ونص العلماء على أن حكم الحاكم ينقض إذا خالف نص الشارع، ولا ينفذ حكمه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ) [أبوداود:3075]، ويجب على من لهم حجة تثبت ملكهم للأرض، الرجوع في استرداد حقوقهم إلى القنوات المعروفة، وما تقرره المحاكم والهيئات المخولة بذلك، والواجب الانتظار حتى يخرج القانون الخاص بحل ما ترتب على هذه القوانين من مخالفات، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

محمد الهادي كريدان

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

15/صفر/1435هـ

2013/12/18م

 

 

 

 

 

 

 

                                                                  

                                                          

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق