طلب فتوى
الحدود و الجناياتالفتاوى

حكم تنازل ولي المقتول عن الدية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (826)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

تنازل ولي الدم عن الحق الجنائي (القصاص)، ورضي بمبلغ قدره (خمسة عشر ألف دينار)، ثم أرجع الولي المبلغ لأولياء القاتل، وطالبهم بالدية، فما هو الحكم الشرعي في هذه المسألة؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

           أما بعد:

فإن الله تعالى يقول: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ([البقرة: 178]، قال القرطبي رحمه الله: “والمعنى: أن القاتل إذا عفا عنه ولي المقتول عن دم مقتوله، وأسقط القصاص، فإنه يأخذ الدية، ويتبع بالمعروف، ويؤدي إليه القاتل بإحسان”[الجامع لأحكام القرآن: 253/2]، وقال الدردير رحمه الله: “ وإنما له أن يعفو مجاناً، أو يقتصَّ، وجاز العفو على الدية، أو أكثر، أو أقل منها، برضا الجاني“[الشرح الكبير: 239/4].

وعليه؛ فإذا تنازل ولي المقتول عن الدية؛ فإنه لا يمكَّن من المطالبة بها بعد ذلك؛ لأنه أسقط حقه في الدية؛ فلا يعود، كما هو مقتضى القاعدة المشهورة: (الساقط لا يعود)، قال الموّاق رحمه الله: “كل ما وقع به الصلح من دم عمد، أو جرح عمد مع المجروحين، أو مع أوليائه بعد موته؛ فذلك لازم، كان أ كثرَ من الدية أو أقلَّ؛ لأن دم العمد لا دية فيه، إلا ما اصطُلح؛ لازم عليه” [التاج والإكليل: 85/5].

وقال أيضاً: “وقد تقدم قول المدونة: إن عفوتَ، ولم تشترطْ شيئاً، ثم تطلبُ الديةَ، فلا شيءَ لك”[التاج والإكليل: 327/8]، وقال النفراوي: “إذا وقع الصلح مستوفياً لشروطه، كان لازماً، ولا يجوز تعقّبُه” [الفواكه الدواني: 232/2]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

                                                                       مفتي عام ليبيا


9/ربيع الأول/1434هـ

2013/1/21

 

 

 

 

 

 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق