طلب فتوى
الغصب والتعديالفتاوى

حكم ضريبة الجهاد

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (2842)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

ما حكم خصم (3%) من رواتب موظفي الدولة، تحت مسمى ضريبة الجهاد؟ علمًا بأنها توزع على عدة جهات منها: جمعية الدعوة الإسلامية، ودار الأيتام، وهل تعتبر صدقة جارية للموظف؟ وهل يجوز للدولة دفع جزء من رواتب الموظفين من هذا المال المستقطع؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ حرمة الأموال كحرمة الدماء والأعراض، وقد جاءت الآيات والأحاديث النبوية بذم المكوس (الضرائب)، قال تعالى: )يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل( [النساء:29]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن صاحب المَكْس في النار) [أحمد:17464]، وقال صلى الله عليه وسلم في المرأة التي زنت ثم تابت: (والذي نفسي بيده، لقد تابت توبة لو تابها صاحب مَكْس لغفر له) [مسلم:3208]، قال أبو العباس القرطبي رحمه الله: “صاحب المكس: هو الذي يأخذ من الناس مالا يلزمهم شرعًا من الوظائف المالية بالقهر والجبر، ولا شك في أنه من أعظم الذنوب، وأكبرها، وأفحشها…” [المفهم:99/5].

والضرائب التي تؤخذ على الدخل كلها من هذا القبيل، لا تحل إلا عند الضرورة، بالشروط الآتية:

1- أن تكون حاجة الدولة للضريبة حاجة حقيقية وضرورية، لا وهمية، بحيث لا تكون هناك موارد أخرى تستطيع الدولة بها أن تسير أعمالها.

2- أن تكون الدولة فقيرة، ومواردها لا تفي بالقيام بشؤونها، وأن يكون فرض الضريبة استثنائيًّا، وتدبيرًا مؤقتًا حسبما تدعو إليه الضرورة، وأن يوظف الإمام على الناس بقدر الحاجة، على أن ينتهي هذا الأمر بزوال العلّة الداعية وانتهاء الحاجة؛ إذ إنّ تصرف الحاكم في فرض الضريبة منوط بالمصلحة؛ فالقاعدة الفقهية تقول: “التصرف على الرعية مَنوطٌ بالمصلحة”.

3- أن يكون التصرف في جباية المال وإنفاقه على الوجه المشروع، بأن يكون فرض الضريبة لإنفاق المال في مصالح الأمة، لا على المعاصي والشهوات والأهواء من قِبَل السلطة الحاكمة، ولا على ترفيه أنفسهم وأسرهم، ولا لترضية السائرين في ركابهم.

4- أن تُؤخذ من فضل المال، أو ما يزيد عن حاجة المكلفين الأساسية، فمن كان عنده من المكلفين فضل عن إشباع حاجاته الأساسية أُخذت الضريبة من هذا الفضل، ومن كان لا فضلَ عنده، بعد هذا الإشباع للحاجات الأساسية؛ فلا يؤخذ منه شيء.

وضريبة الجهاد لا تخرج عن ذلك، وليست من قبيل الصدقة الجارية؛ لأنها تؤخذُ قسرًا، ولا يدفعها الموظف بطيب نفسه، وقد قررت لجنة مراجعة القوانين إلغاءها، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد محمد الكوحة

أحمد ميلاد قدور

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

27/جمادى الأولى/1437هـ

07/مارس/2016م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق