طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوى

حكم طلاقِ السَّكرَانِ سُكْرًا شَدِيدًا بغيرِ وَعْيٍ، هل يعد طلاقًا شرعًا أم لَا؟

طلاق السكران

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4122)

 

السيّد المحترم/ رئيس القلم بمحكمة (ج) الجزئيّة.

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

تحيّة طيّبة، وبعد:

فبالنـظر إلى مراسلتكم المتضمنة السُّؤال عن حكم طلاقِ السَّكرَانِ سُكْرًا شَدِيدًا بغيرِ وَعْيٍ، هل يعتبر طلاقًا شرعًا أم لَا؟

الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فطلاق السكران على قسمين:

الأول: من له نوع تمييز، بحيث يدري ما يصدر عنه من تصرفات؛ قولية أو فعلية، وهو ما يسمى بـ(السكران المختلط)، فهذا طلاقه واقع؛ لمعصيته، ولإدراكه ما وقع منه.

الثاني: من لا تمييز عنده على الإطلاق، بحيث لا يميز الأرض من السماء، ولا الرجل من المرأة، ولا يدري ما يقول، ويسمى بـ(السكران الطافح)، فهذا كالمجنون، لا يلزمه الطلاق، وطلاقه غير واقع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ؛ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِىِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ) [أبوداود: 4405]، قال الدردير رحمه الله: “إِلاَّ أَن لاَّ يُمَيِّزَ، فَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْمَجْنُونِ” [حاشية الدسوقي: 2/365]، وهو قول عثمان بن عفان، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم، ورواية محمد بن عبد الحكم في المذهب، واختيار ابن رشد والباجي رحمهم الله ، قال ابن رشد رحمه الله: “السَّكْرَانُ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ: سَكْرَانُ لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ، وَلَا الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَسَكْرَانُ مُخْتَلِطٌ مَعَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ عَقْلِهِ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الِاخْتِلَاطَ مِنْ نَفْسِهِ فَيُخْطِئُ، وَيُصِيبُ، فَأَمَّا السَّكْرَانُ الَّذِي لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَا الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ، فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ، وَأَقْوَالِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، وَأَمَّا السَّكْرَانُ الْمُخْتَلِطُ الَّذِي مَعَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ عَقْلِهِ فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَفْعَالِهِ، وَأَقْوَالِهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ ….، وَالرَّابِعُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْجِنَايَاتُ، وَالْعِتْقُ، وَالطَّلَاقُ، وَالْحُدُودُ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارَاتُ، وَالْعُقُودُ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ رحمه الله، وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ، وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ” [البيان والتحصيل: 4/258].

عليه؛ فلا تحسب الطلقة التي وقعت منه في حالة السكر، إن كان طلقَ وهو غير واعٍ، والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

حسن سالم الشريف

 

الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

30// جمادى الآخرة// 1441هـ

24// 02// 2020م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق