بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4663)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
عائلةٌ والدُهم متقاعدٌ، وراتبهُ لا يتجاوز 450 دينارًا، وزوجته معاقةٌ، ويعاني أمراضًا، ولا دخلَ له غير ما ذكر، ويسكنُ في منزل الورثة، وقد طالبوه ببيع منزلهم وأمروهُ بإخلائه، وقوموهُ بـ(150) ألف دينار، وحصته منها 35 ألف دينار تقريبًا، لا تكفي لبناء مسكن لهم، فهل يجوز إعطاؤهم الزكاة لغرض توفير منزل لهم؟
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فإنّ من مصارف الزكاة الفقراء والمساكين، والفقير والمسكين هو الذي لا يكفيه دخله لحاجاته الأساسية؛ كالأكل والشرب والمسكن واللباس، وغيرها من الحاجيات، فيجوز دفعها لمن هذا حاله، ولا يجوز إعطاؤها ولا أخذها لأجل الكماليات والتوسع في الإنفاق؛ قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلۡفُقَرَآءِ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱلۡعَٰمِلِينَ عَلَيۡهَا وَٱلۡمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمۡ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلۡغَٰرِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِۖ فَرِيضَةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60]، قال الحطاب رحمه الله، مختلطًا كلامه بكلام خليل رحمه الله: ” وَعَدَمُ كِفَايَةٍ بَقَلِيلٍ أَوْ إِنْفَاقٍ أَوْ صَنْعَةٍ، يَعْنِي: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَنْ يَكُونَ عَادِمًا لِلْكِفَايَةِ؛ إِمَّا بِأَنْ لاَ يَكُونَ لَهُ شَيْءٌ أَصْلاً، وَلاَ لَهُ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَلاَ لَهُ صَنْعَةٌ، أَوْ يَكُونَ لَهُ شَيْءٌ قَلِيلٌ لاَ يَكْفِيهِ، أَوْ لَهُ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ نَفَقَةً لاَ تَكْفِيهِ، أَوْ لَهُ صَنْعَةٌ لاَ كِفَايَةَ لَهُ فِيمَا يَحْصُلُ مِنْهَا” [مواهب الجليل: 2/342].
عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، وكانت حصة العائلة من الميراث لا تكفي لشراء مسكن لهم أو بنائه، فيعطون من الزكاة لأجل ذلك، والأصلُ هو دفعُ الزكاة للفقير ليتصرفَ فيها بنفسِه، وإن دعتِ الحاجةُ فيباحُ بناء بيت لهذه العائلة الفقيرة مِن أموال الزكاةِ بالنيابة عنهم، ويشترطُ لبناء هذا البيت من الزكاة أن يقتصر على الأشياء الأساسية من حاجيات البيت، دون الصرفِ على الكمالياتِ كالرخامِ والجبس ونحوِه، أو الزيادةِ على المساحة الضرورية للسكنى؛ كما يشترط أن يتم التدقيق والتحري، على أن المحتاج للبيت لا يملك شيئًا آخر من العقارات الموروثة أو التجارات، التي يمكنه بيعها وبناء بيت منها، والمطلوب ممن يتولى هذا الأمر أن يستدعي الفقيرَ المحتاجَ للبيت، ويخبره بأن له مالًا عنده من الزكاة، ويأخذ إذنَه في أن يصرفه نيابةً عنه في البناء؛ ليكون كالوكيل عنه، وإذا تم بيع بيت العائلة وتحصل الفقير على نصيبه فينبغي أن يبدأ به في بناء البيت ثم يكمل البناء من الزكاة، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي امحمد الجمل
حسن سالم الشّريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
25//صفر//1443هـ
03//10//2021م