طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمساجدالمعاملاتالمغارسةالوقف

في المغارسة والوقف

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (1342)

 

السيد/ مدير إدارة الأوقاف بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة وبعد:

فبالإشارة لمراسلتكم ذات الرقم الإشاري (14830/2013) بشأن بعض الأسئلة عن الأوقاف التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

نفيدكم بما يلي:

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالواجب فسخ ما عثر عليه من العقود التي لم تراعَ فيها مصلحة الوقف، ولم تفت بمفوت من مفوتات البيع؛ لأنه لا يجوز بيع عقار الحبس ولو خرب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:‏ (حبس أصله وسبّل الثمرة)، وقول عمر رضي الله عنه بعد ذلك: “لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ” ‏[البخاري:4364].

وقال سحنون رحمه الله: “بقاء أحباس السلف خراباً دليل على أن بيعها غير مستقيم” [شرح الخرشي:95/7]، وما فات منها ولم يمكن تداركه، وكان قد بيع بثمن المثل، تشترى بقيمته التي بيع بها أحباس مثلها، توقف على أوجه المصارف التي كانت موقوفة عليها الأحباس التي بيعت، وينبغي على المسؤولين في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية؛ إقامة الدعاوي ورفع القضايا اللازمة، لاسترداد ما يمكن استرداده من الأراضي الموقوفة المغتصبة، ومحاسبة المسؤولين عن بيعها والتفريط فيها، والمطالبة بإيقاع أشد العقوبات عليهم؛ حماية لجانب الوقف من العبث، وحرصاً على أموال المسلمين من الضياع.

المغارسة :

المغارسة مع الوقف مما اختلف فيه أهل العلم، فمشهور مذهب مالك أنها لاتجوز؛ لأنها تؤول إلى بيع جزء من الوقف لاستصلاح الجزء الآخر، والأصل أن الوقف لايجوز بيعه، وإن خرب، وفي رواية أخرى عن مالك؛ يجوز بيعه إن خرب، بشرط أن يعوض مثله ما يكون أنفع للوقف، وجرى العمل في المذهب بجواز المغارسة إذا تحققت المصلحة، قال التسولي: “وبه أفتى الفقيه أبو زيد عبد الرحمن الفاسي، حسبما في نوازل الزياتي، قائلاً: وهو الذي رجحه القاضي أبو الوليد، ولعله يشير إلى تصحيح ابن رشد له في المقدمات على ما يقتضيه كلام الرهوني في حاشيته” [شرح البهجة على التحفة:127/2]، وفي المعيار المعرب: وسئل بعض الشيوخ عن حكم من أعطى أرضاً محبسة على وجه المغارسة، فأجاب: “بأنها تمضي، ولا ينقضها من جاء بعده من الحكام …” [ المعيار المعرب:436/7].

وإذا تم عقد المغارسة بين المغارس وناظر الوقف، ووفّى المغارس بما تعاقد عليه من العمل المتفق عليه، فإنه يجاب لطلب المقاسمة متى طلبه، وتكون في الشجر والأرض، على ما ذكر في وثيقة المغارسة، قال ابن عبد البر: “لا يجوز أن يدفع الرجل أرضاً إلى رجل يغرسها شجراً، فما أظهر الله فيها من شجر مثمر بينهما نصفين، على أن رقبة الأرض لربها على ما كانت، هذا مما لا يجوز …، وأما الذي يجوز من ذلك؛ أن يعطيه أرضه على أن يغرسها شجراً معلوماً من الأصول الثابتة، كالنخل، والأعناب، وشجر التين، والزيتون، والرمان، وما أشبه ذلك من الأصول، فما أنبت الله فيها من الشجر، وتمَّ وأثمر، فذلك بينهما بأصله وقاعته من الأرض، على ما تشارطا عليه، إذا وصف النبات لشجر حدًّا معلومًا، ولو قالا: إذا أطعم الشجر، كان حدًّا” [الكافي: 2/267]، وتكون حصة المغارس ملكاً له ملك رقبة، يأخذها متى طلب القسمة، ولو يبس الشجر بعد الإطعام، ولا يدخل في القسمة إلا ما غرس ونبت زرعه، قياساً لها على الجعل .

تغيير المسجد:

تغيير المسجد إذا خرب ولم يعد صالحاً للصلاة، وبُني غيره بما يكفي المصلين في المنطقة الموجود بها، فإن لوزارة الأوقاف تغييره بما لا يذهب عينه من صور الانتفاع، قال ابن المكوي: “من حبس أرضا على مسجد فخرب وذهب أهله، يجتهد القاضي في حبسه بما يراه”[التاج والإكليل:647/4] .

مناقلة شجر الوقف:

إذا كان بقاء الشجرة المحبسة يمنع من الانتفاع بالأرض؛ جاز لكم مناقلتها، إمّا باستبدالها، أو بشراء زيتونة للوقف أفضل منها، في موضع آخر، رفعاً للضرر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار) [سنن ابن ماجه:2331].

بيوت المسجد:

إذا كانت البيوت موقوفة على أن تكون سكناً لمن يقوم بالإمامة أو الخطابة أوتدريس القرآن في المسجد، فلا ارتباط بالمكافئة التي تعطى لهم نظير هذه الأعمال، ولوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أن تعطي المكافأة لمن يقوم بهذه الأعمال، ولو سكن في البيوت الموقوفة التابعة للمسجد.

استثمار أرض الوقف:

إذا كان استثمار الأرض بالصورة المذكورة يؤدي إلى انقطاع منفعة الأراضي الموقوفة، فلا يجوز استثمارها بهذه الصورة، ولوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أن تعاوضها بأرض أخرى يمكن استثمارها والانتفاع بها، ويصرف ريعها في مصرف الأرض المحبسة الأولى، وقد أفتى بعض العلماء بجواز معاوضة أرض الوقف بغيرها إن عدمت منفعتها، ولم يمكن إصلاحها أبدا وعُجز عن عمارته بحال، ولم يمكن الاستفادة منها في المستقبل بصورة من الصور رعاية للمصلحة التي اعتنى بها الشارع، واتباعا لقصد الواقف، فقد نقل صاحب المعيار عن ابن رشد، أنه سئل عن حكم معاوضة أرض غامرة تابعة لمسجد، فأجاب: “إن كانت القطعة من الأرض المحبسة قد انقطعت منفعتها جملة وعجز عن عمارتها فلا بأس بالمعاوضة فيها بمكان يكون حبسا مكانها، ويكون ذلك بحكم من القاضي بعد ثبوت ذلك السبب، والغبطة في العِوض وسُجل ذلك ويُشهد به”[المعيارالمعرب:155/7].

           عليه؛ فإذا كانت الأرض لا يمكن أن تستفيد منها وزارة الأوقاف، ولم يمكن استثمارها، وأرادت الوزارة استبدالها بأرض لا تقل عنها ثمناً ومساحة يمكن استثمارها فلا بأس بذلك. والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

أحمد محمد الكوحة

محمد علي عبد القادر

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

18/شعبان/1434هــ

2013/6/27م

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق