ما الحكم الشرعي في القانون رقم (123) لسنة (1970م)؟
هل يثبت الملك بالقوانين الجائرة التي أباحت الاستيلاء على ممتلكات الناس بالغصب ظلمًا وعدوانًا؟
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5212)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
ما الحكم الشرعي في القانون رقم (123) لسنة (1970م)، والذي أخذت الدولة بمقتضاه أراضي بعض المواطنين ووزعتها على غيرهم؛ للاستصلاح الزراعي؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فهذا القانون مِن القوانين الجائرة، التي أباحت الاستيلاء على ممتلكات الناس ظلمًا وعدوانًا، فاغتَصبَ بموجبه العديدُ من الناس ممتلكات الآخرين، وكل ما حصلَ بموجب هذا القانون هو تـَـــعـَدٍّ وغصب، لا يَثْبُتُ به حق، بل يبقى الحق لأصحابه، فقد نص العلماء على أن حكمَ الحاكم يُنقض إذا خالفَ قطعيات الشريعة، ولا ينفذ حكمه بحال، ويجب على من امتلك عقارًا بموجب هذا القانون أن يردّه لأصحابه، ويتوبَ ويرجع إلى الله تعالى، ويتحلل منهم اليوم قبل ألّا يكون دينارٌ ولا درهم.
وإذا كانت الدولة قد أعطت لأصحاب الأراضي تعويضًا بالثمن الحقيقي للأرض، وأبرمت معهم عقدًا برضاهم، فليس لهم الآن المطالبةُ بشيء؛ لأنهم قبضوا العوض، ورضوا به، أما إذا لم تدفع الدولة عوضًا، أو دفعت عوضًا بخسًا، لم يرضَ به أصحاب الأراضي حينها، فلهم أن يطالبوا الدولة بالتعويض، أو استرداد أراضيهم؛ لأن فعل الدولة حينها تعَدٍّ وغصب، لا يثبت به حق، قال الله: ﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ﴾ [البقرة: 188]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الأرْضِ ظُلْمًا، طَوَّقَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ يَومَ القِيَامَةِ مِن سَبْعِ أَرَضِينَ) [مسلم: 1610]، ويقول :صلى الله عليه وسلم (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) [البيهقي: 5492]، ويقول صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ لِعِرْق ظَالِم حَقٌّ) [أبوداود: 3075]، ويجب على من وقع عليه تعدٍّ في أرضهِ، الرجوعُ في استردادِ حقه إلى القنوات المعروفة، وما تقرره المحاكم والهيئات المخولة بذلك، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
22//ذو القعدة//1444هـ
11//06//2023م