طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوى

تعليق طلاق بالثلاث في كلمة واحدة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5211)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

في شهر فبراير الماضي ضاع من زوجي شيءٌ في المنزل، فحلف بالطلاق ثلاثًا أنه إن لم يجدهُ فلن يرجعَ للمنزل، ثم رجع إليه دون أن يجده، وليست هذه المرة الأولى، فهو رجلٌ كثير التلفظ بالطلاق، وقد حلف عليّ قبل ذلك بلفظ: “تحرمي عليا إن تجاوزتِ بوابة المنزل”، وجاوزتُها، وخرجتُ دون رضاه، وكثيرًا ما يعلّق الطلاق على شيءٍ ويقع الشيء المُعَلَّق عليه، وكثيرًا ما يقع منه عند الغضب أن يوقع الطلاق ابتداءً دون تعليق، إمّا مفردًا (أنت طالق)، أو بالثلاثِ أحيانا، فما الحكم في ذلك؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالطلاق المعلَّق على شيء، كعدم الرجوع للمنزل، يقع بمجرد وقوع الشيء المُعَلَّقِ عليه، فعن نافع رحمه الله أنه قال: “طَلّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ الْبَتّةَ إِنْ خَرَجَتْ، فَقَال ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: إِنْ خَرَجَتْ فَقَدْ بُتَّتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فَلَيْسَ بشَيْءٍ” [البخاري:45/7].

وعامة علماء المذاهبِ الأربعةِ وغيرها، على أنّ طلاقَ الثلاث في كلمةٍ واحدةٍ؛ يلزمُ منه الثلاثُ، وحكى كثيرٌ مِن العلماء الإجماعَ على ذلكَ، قالَ القرطبي رحمه الله: “قَالَ عُلَمَاؤُنَا: وَاتَّفَقَ أَئِمَّةُ الْفَتْوَى عَلَى لُزُومِ إِيقَاعِ الثَّلَاثِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ…” [الجامع لأحكام القرآن: 129/3]، وممن حكى الإجماعَ ابنُ المنذر، وأبو بكر الجصاص الحنفي، وأبو محمد الباجي المالكي، وابن حجر العسقلاني الشافعي، وابن رجب الحنبلي رحمهم الله.

عليه؛ فإن المرأة بانت من زوجها من أول طلاق بالثلاث مُعَلَّقٍ وحَنِثَ فيه، وقد بانت به الزوجة بينونةً كبرى، فلا يحل لها الرجوع إليه حتى تنكح زوجًا آخر، نكاح رغبة، ثم يطلقها، أو يموت عنها؛ لقول الله تعالى: ﴿فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَّتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَنْ يُّقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 228].

وأما ما أوقعه بعد ذلك من الطلقات المتعددة، بالطلقة الواحدة أو بالثلاثة مجموعةً، بالتعليق وبغير تعليق، فهي مما اتخذ به آيات الله تعالى هزؤا، وهو زوج مستهتر معاشِرٌ بالحرام، لا حرمة عنده لأحكام الشرع وحدود الله تعالى، وعليه أن يكُفَّ عن مثل هذا ويتوب إلى الله تعالى ويحسب لمثل هذا حسابه إن أراد الزواج ثانيةً، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

حسن بن سالم الشريف

عبد الرحمن بن حسين قدوع

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

22//ذو القعدة//1444هـ

11//06//2023م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق