طلب فتوى
الإجارةالبيعالشركةالفتاوىالمعاملاتقضايا معاصرة

ما حكم الفساد المالي في المؤسسات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3164)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

نحن موظفو شركة (ف)، نريد التوجيهَ والنصيحةَ بخصوصِ تجاوزات (س) المدير العام، ورئيس مجلس إدارة الشركة، وأعضاء مجلس الإدارة، ومديري الإدارات، والمكاتب، وبعض الموظفين الآخرين المتواطئين معه في إهدار المال العام، ومن ذلك:

– تعيين أقارب وأصدقاء المدير في مناصب لا يفقهون فيها شيئا، مثل تعيين صهره مستشارا براتب شهري 25 ألف يورو، فضلا عن الميزات والمكافآت، وفتح مكتب لسكرتيرته في الخارج، براتب 11 ألف دولار.

– نقل أموال الشركة إلى حسابات خارجية؛ ليتحكم في التصرف فيها بلا رقابة.

– استثمار الأموال بالخارج بفوائد ربوية.

– شراء (آلة) مستعملة بأكثر من ضعفي سعرها الحقيقي.

– تأجير (وسيلة نقل) بسعر متدني، وأقل من سعر السوق العالمي، ومخالفة المستأجر شروط التشغيل.

– تأجير (وسيلتي نقل) لشركة (ص)، دون تحقيق أي أرباح أو إيرادات.

– مخالفة النظام الأساسي للشركة بنقل إدارتها إلى مدينته (س)، مما أدى إلى إغلاق جميع مقرات الشركة في طرابلس قبل أكثر من شهرين، مما سيؤدي إلى خسائر مالية كبيرة، وتراكم الديون.

– طرد بعض الموظفين بسبب إنكارهم للفساد الإداري والمالي.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن كان الواقع ما ذُكر في السؤال، فإنّ هذا من الفساد والظلم، والله لا يحب الفساد، ولا يحب الظالمين، ومن الغش للرعية؛ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ما مِن عبد يسترعيه اللهُ رعيةً يموتُ يوم يموت وهو غاشّ لرعيته إلا حرَّم الله عليه الجنة) [مسلم:1459].

ومن التخوّض في مال الله بغير حق، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن رجالًا يتخوَّضونَ في مال الله بغيرِ حقّ، فلهم النارُ يوم القيامة) [البخاري:2950].

وهو من الخيانة للأمانة؛ والله تعالى يقول: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ( [الأنفال:27].

وكل من تولى أمانة سيُسأل عنها يوم القيامة، وستكون عليه خزيًا وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدَّى الذي عليه فيها، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وأقل من هذا الفساد، الذي تقشعر منه الأبدان الوارد في السؤال، يستوجب صاحبه العزل، ولا يحل لصاحبه استغلال الأوضاع الأمنية، والاستقواء بمن يحميه وينصره، فإن الله عزيز ذو انتقام، يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، وما للظالمين من نصير.

وعلى كل مَن يعنيه الأمر في هذا البلد من الجهات الرقابية أن يقوم بالواجب المكلف به، وكذلك على أعضاء الرقابة الإدارية بالخصوص القيام بمسؤولياتهم، بتتبع المخالفات الإدارية والقانونية، والفساد المالي في الشركة، وأن يتحملوا مسؤولياتهم بإصدار القرارات التي توقف الفساد، وقطعه بكل الطرق الممكنة، وعدم التهاون في ذلك، فإن هذا مِن أعظم الواجبات، وبخاصة في هذا الوقت، ولا يجوز لهم التهاون، والسكوت، أو التستر؛ فإن المتستر على الظالم ظالم، وعلى الغاش غاش؛ يصيبه ما أصابه.

وكل من له علاقة من عامة الناس، ويملك الأدلة على هذا الفساد، هو مطالب برفع القضايا عليه للمحاكم؛ لأن مسؤولية محاربة المنكر في الشريعة تضامنية، تجب على كل من يقدر أن يقوم بها؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يدي الظالم، ولتأطرنه على الحق أطرا، ولتقصرنه على الحق قصرا) [أبوداود:4366]، وقال صلى الله عليه وسلم: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلاَ يُسْتَجَابُ لَكُمْ) [الترمذي:2169]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

أحمد ميلاد قدور

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

28/ربيع الأول/1438هـ

27/ديسمبر/2016م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق