طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالمواريث والوصاياالوقف

ما حكم من أوصى بجميع ماله لصالح الوقف بمجرد وفاته؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5031)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أوصت امرأة بالتبرع بجميع أملاكها -المنقولة وغير المنقولة- لصالح الهيئة العامة للأوقاف، وجعلت كاملَ أملاكها تحت تصرفهم بمجرد وفاتها، فما حكم هذه الوصية؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن تبرع المرأة بجميع أملاكها بعد موتها، يعد من قبيل الوصية، وليس وقفا ناجزا، والوصية مقيدة بثلث المال، ففي الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ، عِنْدَ وَفَاتِكُمْ، بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ، زِيَادَةً لَكُمْ فِي أَعْمَالِكُمْ) [ابن ماجه:2709]، ولا يجوز له الوصية بأكثر من الثلث؛ لقولِ النبي صلى الله عليه وسلم: لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وقد أراد أن يوصي بماله كله: (الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ) [البخاري:2742]، ويُردّ ما زاد على الثلثِ، إلّا إذا أجازه الورثة؛ فعن عمران بن حصين رضي الله عنه: (أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوتِه، لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ، فَدَعَا بِهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَزَّأَهُم أَثْلَاثًا، ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُم، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ، وَأَرَقّ أَرْبَعَةً، وَقَالَ لَهُ قَوْلًا شَدِيدًا) [مسلم:1668]، والوصية بما زاد على الثلث مِن الإضرار، وقد نهى الله تعالى عنِ الإضرار في الوصية؛ فقال تعالى: ﴿مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾ [النساء:12]، قال القرطبي رحمه الله: “قوله تعالى: (غَيْرَ مُضَار)… أَيْ يُوصِي بِهَا غَيْرَ مُضَارٍّ، أَيْ غَيْرَ مُدْخِلٍ الضَّرَرَ عَلَى الْوَرَثَةِ… فَالْإِضْرَارُ رَاجِعٌ إِلَى الْوَصِيَّةِ وَالدَّيْنِ، أَمَّا رُجُوعُهُ إِلَى الْوَصِيَّةِ فَبِأَنْ يَزِيدَ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ يُوصِيَ لِوَارِثٍ” [تفسير القرطبي: 80/5].

وعليه؛ فما قامتْ به الموصية حال حياتها، مِن التصدقِ بكل مالها بعدَ وفاتها؛ لا يصحُّ في مَا زاد على الثلث، ويصحّ وينفذُ منه الثلث، والزائد عليه متوقفٌ على إجازةِ الورثة، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

26//ربيع الآخر//1444هـ

21//11//2022م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق