طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالمواريث والوصاياالهبةالوقف

هل يجوز اشتراط رجوع الوقف لملك الواقف حال احتياجه؟

هل الأفضل هو جعل البيت وقفًا أم الوصيةُ بذلك؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5032)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

شخصٌ يريد أن يجعل بيته وقفًا لأوجهِ الخير، ويشترطُ حقَّ الرجوع فيه متى احتاجَه، هل يجوز ذلك؟ وهل الأفضل هو جعل البيت وقفًا أم الوصيةُ بذلك؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ مَن وقف شيئًا – بيتًا أو غيره – لم يصحَّ وقفُه إلا إذا انتقلَ منه وأخلاه، ورفع يده عنه قبل حصولِ مانعٍ من موانع الوقف، قال الصاوي رحمه الله: “وَبَطَلَ الْوَقْفُ… (‌أَوْ ‌َلَمْ ‌يُخْلِ) أَيْ لَمْ يَتْرُكِ الْوَاقِفُ (بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَ كَمَسْجِدٍ) وَرِبَاطٍ وَمَدْرَسَةٍ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْمَانِعِ؛ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ، وَيَكُونُ مِيرَاثاً، فَإِنْ أَخْلَى قَبْلَ الْمَانِعِ صَحَّ لِأَنَّ الِإِخْلَاءَ الْمَذْكُورَ حَوْزٌ حُكْمِيٌّ” [الشرح الصغير:304/2]، وما يبطل به الوقف قبل الحوز ثلاثة: الفلس أو الموت أو المرضُ المتصل به، فمن حبس في صحتهِ، ولم يحصلْ حوز عنه بخروجه من يده حتى حصل له مانع من هذه الثلاثةِ؛ بطلَ وقفه، قال الدردير رحمه الله: “وَأَشَارَ إلَى بَيَانِ الْمَانِعِ وَأَنَّهُ أَحَدُ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ بِقَوْلِهِ (قَبْلَ فَلَسِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَحُزْ وَيُخْلِ الْمَنْفِيَّيْنِ… (وَمَوْتِهِ وَمَرَضِهِ) الْمُتَّصِلِ بِالْمَوْتِ” [الشرح الكبير:81/4].

واشتراط رجوع الوقف لملك الواقف جائزٌ، قال الدردير رحمه الله: “وَلِلْوَاقِفِ فِي الْمَرَضِ الرُّجُوعُ فِيهِ لِأَنَّهُ كَالْوَصِيَّةِ… إلَّا إذَا شَرَطَ لِنَفْسِهِ الرُّجُوعَ فَلَهُ ذَلِكَ” [الشرح الصغير: 107/4].

والوصية بوقف البيت بعد الممات تصح إن كانت لا تتجاوز قدر ثلث التركة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ أَعْطَاكُمْ ثُلُثَ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ زِيَادَةً فِي أَعْمَالِكُمْ) [السنن الكبرى للبيهقي:12571]، فإنْ زادت قيمة البيت على ثلث التركة، فالزائد يكون موقوفا على إمضاء الورثةِ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ) [الموطأ: 1495].

عليه؛ فيجوز لك جعلُ البيت وقفًا، واشتراطُ الرجوع إليه وقتَ الحاجة، أو الوصيةُ بذلك، وجعلُ البيت وقفًا حال حياتك – إن كانَ عندك ما يغنيكَ من مسكنٍ آخر- أفضلُ من الوصيةِ بذلك؛ لما فيه مِن التعجيل بالبر، وفي كلٍّ من الوقف أو الوصية خيرٌ، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

أحمد بن ميلاد قدور

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

26//ربيع الآخر//1444هـ

21//11//2022م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق