طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالوقف

ما حكم نبش القبور القديمة وحكم الدفن في طرقات المقبرة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم

رقم الفتوى (3147 )

 

السيد/ عميد بلدية طرابلس المركز.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة؛ وبعد:

فبالإشارة إلى مراسلتكم، التي ذكرتم فيها وقوع تجاوزات من بعض الناس في مقبرة الصحابي الجليل (سيدي منيذر) بطرابلس، من ذلك نبشُ القبور القديمة لإيجادِ أماكنَ للدفنِ، وكذا الدفنُ في الطرقاتِ داخلَ المقبرة، وطلبكم النصيحةَ والتوجيهَ للناسِ بخصوصِ ذلك؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالأصل أن القبر حُبس على صاحبه، ويحرم نبشُه مادام به شيءٌ مِن عظامِه؛ قال خليل رحمه الله: “والقبر حُبس لا يمشى عليه، ولا ينبشُ مادام به” [المختصر:52]، وشرحه الزرقاني رحمه الله بقوله: “(ولا ينبش) أي يحرم (ما دام) أي ظن دوام شيء من عظامه غير عَجْب الذنَب لصغره (به)” [شرح مختصرخليل:200/2]، وقال ابن الحاج رحمه الله: “العلماء رحمة الله عليهم قد اتفقوا على أن الموضع الذي دفن فيه المسلم وقفٌ عليه، ما دام منه شيء ما موجودا فيه، حتى يفنى، فإذا فني حينئذ يدفن غيره فيه، فإن بقيَ شيء ما من عظامه فالحرمة قائمة كجميعِهِ” [المدخل:17/2].

وفي النبش إيذاء الميتِ، ولا يجوز أن يؤذى، فقد صح عن النبيّ صلى اللهُ عليه وسلم أنّه قال: (كسر عظمِ الميتِ ككسرِهِ حيًّا) [صحيح ابن حبان:3167].

ولكن إذا تبينَ بأن العظامَ قد بليتْ في هذهِ القبور، ولم يبقَ لها أثر، فإنه يجوز حينئذ ردمُها، والدفنُ فيها مِن جديدٍ، بعدَ إذنِ جهاتِ الاختصاصِ؛ قال الدردير رحمه الله: “إذا علم أنّ الأرضَ أكلته، ولم يبقَ منه شيءٌ مِن عظامٍ فإنه يُنبشُ، لكن للدفنِ، أو اتخاذِ محلّها مسجدًا، لا للزرعِ والبناءِ” [الشرح الصغير:578/1].

وأما الدفن في الطرقاتِ المخصصة للمرورِ داخلَ المقبرةِ فممنوعٌ كذلك؛ لمِا يؤدي إليه مِن المشي على القبور، وهو منهيٌّ عنه؛ لقولِ النبي صلى الله عليه وسلم: (لَأَنْ أَمْشِيَ عَلَى جَمْرَةٍ، أَوْ سَيْفٍ، أَوْ أَخْصِفَ نَعْلِي بِرِجْلِي، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمْشِيَ عَلَى قَبْرِ مُسْلِمٍ) [ابن ماجه:1567].

ولا يجوزُ لأحدٍ مِن الناسِ أن يتصرفَ بأيّ تصرفٍ في المقبرةِ، إلّا بإذنٍ مِن جهات الاختصاصِ، واللجنة المشرفة على المقبرة، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

                                                                      

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

07/ربيع الأول/1438هـ

06/ديسمبر/2016م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق