طلب فتوى
الحدود و الجناياتالفتاوى

من ينوب عن الأبناء القُصَّر في المطالبة بدية والدهم؟

هل في القتل العمد دية مقدرة؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4391)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

قتلَ رجلٌ صهرَه (أخا زوجته) عمدًا، وترك المقتولُ زوجةً وأربعةَ أبناء قُصّر، وهم صمّ وبُكم، فما قيمة الدية، وهل يجوزُ لوالدِ المقتولِ أن ينوبَ عن أبناءِ المقتولِ في طلبِ الديةِ؟ علمًا بأنّ القاضي نصَّب أمَّ الأبناءِ وصيةً عليهم.

الجواب:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن جنايةَ العمدِ على النفسِ ليس فيها ديةٌ مقدرةٌ، وإنما يخير المستَحقُّ لها بين القصاصِ أو العفوِ مجانًا أو العفوِ مقابلَ الدية، ويدلُّ لذلك ما جاءَ في الصحيح، عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال في فتحِ مكةَ: (… ومن قُتل له قتيلٌ فهو بخيرِ النَّظَرَين، إمّا أن يُفْدى، وإما أن يُقِيدَ) [البخاري:2703]، وقال الدردير رحمه الله: “وإنما له أن يعفو مجانًا، أو يقتصَّ، وجاز العفو على الدية، أو أكثر، أو أقل منها، برضَا الجاني” [الشرح الكبير: 239/4]؛ لكن ليس للوليّ على القصَّرِ العفوُ مجانًا أو بأقلّ مِن الديةِ، إلّا لمصلحةٍ لهم؛ كعسرِهم أو عسرِ الجاني، قال الزرقاني رحمه الله: “(وَلاَ يَعْفُو) الْوَلِيُّ مَجّانًا أَوْ عَلَى أَقَلَّ مِنَ الدِّيَةِ إِلاَّ لِعُسْرِهِ كَمَا يَأْتِي فِي الْجِرَاحِ أَيْ عُسْرِ الْجَانِي وَيَحْتَمِلُ عُسْرَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ” [شرح الزرقاني على المختصر: 5/538]، والديةُ الكاملةُ قدرُها: (4250) جرامًا مِن الذهبِ الخالصِ، أو ما يعادلُها مِن المال، ففي الأثرِ: “فَرَضَهَا عُمَر رضي الله عنه عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ” [أبوداود:4542]، ولا تجبُ الديةُ في قتلِ العمد على العاقلة؛ لأن العاقلةَ لا تعقلُ العمدَ.

وعليه؛ فيجوزُ لوالدِ القتيلِ أن ينوبَ عن أبناءِ القتيلِ في المطالبةِ بالديةِ أو أكثرَ منها، إنْ وكلتهُ الأم؛ لأنها الوصيةُ عليهم، ولا يجوزُ له العفو عن القاتلِ مجانًا أو بأقلّ مِن الدية؛ إلا لمصلحةٍ للأبناءِ، كأنْ يكونَ القاتلُ معسرًا، أو يكون الأبناءُ في حاجةٍ؛ لأنه مِن التبرعِ في مالِ المحجورِ، وفيه تضييعٌ لحقوقهِ، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

03//رجب//1442هـ

15//02//2021م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق