بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4392)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
شخصٌ تصرفَ في عهدةٍ ماليةٍ من المال العام لظرفٍ ما، ثم قامَ بالتصدقِ بمبلغٍ من المالِ مساوٍ للعهدةِ التي تصرفَ فيها على مرضَى وطلبة، فهل فعله هذا مبرئٌ لذمتهِ؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فقد توعد المولى سبحانه كلَّ مَن تقع منه الخيانةُ للمال العامِّ باختلاسٍ ونحوهِ، بأن يأتي يومَ القيامة حاملًا لما اختلسَه على عنقهِ؛ تشنيعًا عليه، وتشهيرًا به على رؤوسِ الخلائقِ، مشتعلًا عليه نارًا، قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَــٰـمَةِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 161]، وقد قيل عن شخص بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم هنيئا له الجنة، فقال صلى الله عليه وسلم: (… وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ الْمَغَانِمِ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا) [سنن النسائي: 3827]، والأصلُ أنَّ مَن أخذَ مالًا بغيرِ حقّ مِن جهة معلومةٍ، فعليهِ أن يرجعه إليها؛ لأن الحقّ إذا عُلِم صاحبه يجبُ ردّه إليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ) [أبوداود: 3561].
وعليه؛ فكان الواجب إرجاع المال إلى الجهةِ التي استأمنتك عليه، لا التصدقَ به على المرضى والطلبة، فإن تعذّرَ ذلك، فإن ذمَّتك تبرأُ بما فعلتَ إنْ كان دون مُحاباةٍ لقريب أو صديق، مع الاستغفارِ والتوبةِ، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
عبد الدائم بن سليم الشوماني
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
03//رجب//1442هـ
15//02//2021م