طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالمواريث والوصاياالهبة

هل تبطل الهبة إن قصد بها حرمان وارث؟

هل تتم وتمضي الهبة الظالمة بالحيازة؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3879)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

توفي والدي في حياة والده، وكان قد كتب كل ممتلكاته من أرض أنصافًا بيني وبين عمي، وقد تمت القسمة بيننا عن طريق جدي، وحاز كل منا نصيبه في حياة والدي، فهل للبنات نصيب من الأرض؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن الهبةَ لبعضِ الورثةِ دونَ بعضٍ، إذا كانَ الغرضُ منها حرمان بعضِ الورثة والإضرارُ بهم، فإنها لا تجوز؛ لمخالفتها قصدَ الشارع من قسمة الميراث بالعدلِ، قال تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ﴾ [النساء:11]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اتَّقُوا اللهَ، واعْدِلُوا فِي أَوْلاَدِكُمْ) [البخاري:2587]؛ ولكن إذا لم يكن الغرضُ من الهبة الإضرار، وإنما مراعاةً لحالِ الموهوبِ له، أو برّه وإحسانه؛ فلا حرجَ فيها، وهي داخلةٌ في العدل والإحسان الذي أمرَ الله تعالى به، ومِن شرط تمام الهبة أن يحوزها الموهوب له في حياة الواهب، ويتصرف فيها تصرُّف المالك في ملكه، قال ابن أبي زيد القيروانيّ رحمه الله: “وَلَا تَتِمُّ هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا حُبُسٌ إِلاَّ بِالْحِيَازَةِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تُحَازَ فَهِيَ مِيرَاثٌ” [الرسالة:117]، وقال أبو الحسن المنوفي الشاذليّ رحمه الله في تعريفِ الحوز: “الحِيَازَةُ هِيَ وَضْعُ اليَدِ، وَالتَّصَرُّفُ فِي الشَّيْءِ الْمَحُوزِ كَتَصَرُّفِ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ؛ بِالْبِنَاءِ، وَالْغَرْسِ، وَالْهَدْمِ، وَغَيْرِهِ مِنْ وُجُوهٍ التَّصَرُّفُ” [كفاية الطالب الرباني: 2/[482.

عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر في السؤال، من أنكما حزتما الأرض في حياة الواهب، فإن للعم ما قسمه له الأب من الأرض، ولا حاجة لمعرفة قصد الأب؛ لأن العم غير وارث في هذه الحالة، وأما الابن فيُنظر في قصد الأب؛ فإن ظهر أن قصده حرمان البنات من الميراث، فإن الهبة صحيحة لحصول الحيازة، لكن ينصح الابن بإصلاح فعل أبيه، بإعطاء البنات نصيبهم من نصف الأرض، وأما إن لم يظهر قصد لحرمان البنات من الميراث، بأن كانت الهبة لحاجة الابن، أو لمزيد بره، فإن نصف الأرض له ما دام قد حازها، وليس للبنات شيء، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

سمير مصباح بن صابر

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

16/شعبان/1440هـ

22/04/2019م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق