طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالهبة

هل يستحقُّ الابن الباني في ملك أبيه قيمة البناء قائمًا أم منقوضًا؟

البناء في ملك الغير بإذن

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4958)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

اشترى والدي بيتًا سنة 1990م، وبعدها أَذِنَ لأخينا الأكبر ببناء بيت فوقه، سنة 1994م، وتمّ بناء البيت العلويّ على نفقة أخينا الأكبر، ثم توفي والدي سنة 2003م، وبقيت والدتي في الدور الأرضي، وبقي أخي الأكبر في البيت العلوي، الذي بناه على نفقته، ثم توفيت الوالدة هذا العام، والورثة الآن بصدد بيع هذا العقار وتقسيمه بينهم، فكيف يتم ذلك؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإذنُ الأبِ لابنه بالبناء على الأرض أو السطح لا يُعدُّ هبةً له، فقد ذهب ابنُ مُزَينٍ رحمه الله ومَن تبعهُ إلى أنّ هذا القول مِن الأبِ للابن لا يفيدُ التمليكَ، ولا يعدّ إذنًا على الحقيقة، وليس له إلا قيمة بنائه منقوضًا، قال ابن مُزَيْنٍ رحمه الله: “مَنْ قَالَ لاِبْنِهِ اعْمَلْ فِي هَذَا الْمَكَانِ كَرْمًا أَوْ جَنَانًا أَوِ ابْنِ فِيهِ دَارًا فَفَعَلَ الْوَلَدُ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ، وَصَارَ الْأَبُ يَقُولُ كَرْمُ ابْنِي وَجَنَانُ ابْنِي، فَإِنَّ الْقَاعَةَ لاَ يَسْتَحِقُّهَا الابْنُ بِذَلِكَ وَتُورَثُ عَنِ الْأَبِ، وَلَيْسَ لِلِابْنِ إِلَّا قِيمَةُ عَمَلِهِ مَنْقُوضًا … وَقَدْ يَكُونُ مِثْلُ هَذَا كَثِيرًا فِي النَّاسِ فِي الْوَلَدِ وَالزَّوْجِ وَلاَ يُرِيدُونَ بِهِ التَّمْلِيكَ” [منح الجليل: 182/8].

وهذا الحكم -وهو عدم تمليك الأرض وإعطاء الابن قيمة البناء منقوضًا- مبنيٌّ على العرف في ذلك الوقت، فإذا تغيَّر العرف تغيَّر الحكم، قال العجماوي رحمه الله: “وَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ مِلْكًا لَهُ لِلْعُرْفِ فِي تَطْمِينِ الْأَبْنَاءِ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ، وَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ هَذَا لِأَجْنَبِيٍّ كَانَ فِي مَعْنَى الْهِبَةِ” [شرح المختصر: 347]، وقال ابن رحال رحمه الله: “… وَإِنَّمَا كَانَ لِلِابْنِ قِيمَةُ مَا بَنَاهُ مَنْقُوضًا؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ جَارٍ بِتَطْيِيبِ الْأَبِ خَاطِرَ الْوَلَدِ، وَلَوْ كَانَ قَالَ هَذَا لِأَجْنَبِيٍّ لَمْ يَكُنِ الْحُكْمُ كَذَلِكَ … وَالرُّجُوعُ لِلْعُرْفِ هُوَ الْوَاجِبُ فِي هَذَا، فَإِنَّ الْآبَاءَ لَا يَقْصِدُونَ مَا قَالَهُ ابْنُ مُزَيْنٍ” [فتح الفتاح: 17/10ب]، ومثلُ هذا القول من الأبِ للابنِ في زماننَا، وإنْ كان لا يعدّ هبةً للأرض والبقعة، فإنه يقتضي الإذنَ لابنه بالبناء حقيقة، وليس مجرّد تطييب خاطر، وعليه؛ فإنه يقضى للابن بقيمة بنائهِ قائمًا، عند مقاسمته مع باقي الورثة، كما أشار إليه ابن رحّال والعجماوي.

عليه؛ فيستحقُّ الابن الباني قيمة البناء قائمًا، لا منقوضًا، حيث يُقوَّم منزل الأب مع الأرض فقط، ثم يقوَّمُ منزل الأب وما بني فوقه مع الأرض، فيُعطى الابن الباني ما زاده البناء على قيمة منزل الأب مع الأرض، ثم تقسَّمُ قيمة المنزل مع الأرض على الفريضة الشرعية، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

09//صفر//1444هـ

05//09//2022م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق