طلب فتوى
البيعالتبرعاتالفتاوىالقرآن الكريم وعلومهالمساجدالمعاملاتالوقف

ما هي ضوابطُ ضربِ الطلبةِ للتأديبِ وحفظِ القرآن الكريم؟

هل يجوزُ الاتجارُ في الإسمنتِ والحديدِ للإنفاقِ على مراكز التحفيظ؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4957)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

ما هي ضوابطُ ضربِ الطلبةِ للتأديبِ وحفظِ القرآن الكريم؟ وكم المدة المقدرة كحدٍّ أعلى لحفظ الطالب الأعجمي أو الأمّيِّ المستفيد مِن غلة الوقف؟ وهل يجوزُ الاتجارُ في الإسمنتِ والحديدِ، بشرائهما من المصنعِ وبيعهما في السوقِ؛ للإنفاقِ على الزاوية؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالأوْلى للمعلمِ أن يقدمَ التأديب باللّوم والتوبيخِ ونحوهما على التأديبِ بالضرب، فإن لم يحصلْ بذلكَ تأديبٌ جازَ له التأديبُ بالضربِ، على ألا يخلف أثرًا في الجسدِ، وأن يكونَ ضربَ توجيهٍ وإصلاحٍ، لا ضربَ انتقامٍ وغيظٍ، وأن يقتصرَ على قدر ما ينصلح به أمر الطالب، وذلك بالاجتهاد من المربي والمعلم كما هو الحال في القاعدة العامة للتأديب والتعزيرات، فيتدرج به من توجيه اللوم -ويستعان على ذلك بولي أمره- ثم التوبيخ بالكلام والتقريع إلى الضرب الذي يرى أنه يصلح، قال الصاوي رحمه الله: “ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنِ الْقَابِسِيِّ أَنَّ عَلَى الْمُعَلِّمِ زَجْرَ الْوَلَدِ فِي تَكَاسُلِهِ بِالْوَعِيدِ وَالتَّقْرِيعِ، لَا بِالشَّتْمِ، نَحْوَ: يَا قِرْدُ، فَإِنْ لَمْ يُفِدْ فَالضَّرْبُ بِالسَّوْطِ مِنْ وَاحِدٍ إلَى ثَلَاثَةٍ ‌ضَرْبَ إيلَامٍ دُونَ تَأْثِيرٍ فِي الْعُضْوِ، فَإِنْ لَمْ يُفِدْ زَادَ إلَى الْعَشَرَةِ، فَإِنْ لَمْ يُفِدْ فَلَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهَا” [حاشية الصاوي على الشرح الصغير: 35/4].

ومدة حفظ القرآنِ تختلفُ باختلاف الناس، فمنهم الحاذق ومنهم غير ذلك، والصرف من الوقف على الطالب ليس محددا بمدة، فما دام الطالب جادا يريد أن يتعلم ويحفظ فهو مؤهل للصرف عليه من الوقف؛ لأن المحبِّس لم يحدد مدة للصرف على المستفيدين من وقفه في حفظ القرآن، بل الضابط في التأهل للاستفادة من الوقف للطلبة هو أن يكون الطالب جادا في الطلب حريصا عليه، سواء حفظ في عام أو في عشرة، فإن الذي تطول مدة حفظه وهو جاد هو مأجور ومعلمه مأجور والمحبِّس عليه مأجور؛ لأنه في عبادة، أما إذا ظهر من طالب القرآن تلاعب وتحايل على الأكل من الوقف وهو غير جاد في التعلم فلا ينبغي أن يمكّن من ريع الوقف ولو كان حاذقا.

أمّا التجارة في الإسمنت والحديدِ ونحوهما فغير جائزةٍ؛ لأنّ فتحَ هذا البابِ يؤدّي إلى مفاسد عظيمة، فإن الذي يفعل ذلك يتوسل باسم تعليم القرآن إلى عدم التقيد بالأسبقية فيمن يتقدمون إلى المصنع، وفيهم الفقير والمحتاج، ومن يريد أن يبني مسكنا ضروريا ليقيم أسرة، والتجاوز في هذه الإجراءات المشترطة لاستحقاق السلعة باسم تعليم القرآن أو غيره من أبواب البر فيه ظلم وضرر كبير على الناس عندما يكون هناك شحّ شديد في مثل هذه السلع، والظلم حرام لا يُرتَكب من أجل مستحبات أو مندوبات، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

09//صفر//1444هـ

05//09//2022م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق