طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوى

هل يقع الطلاق باللفظ الصريح من غير قصد؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4976)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

تشاجرتُ مع زوجتي، واستمرتِ المشكلة شهورًا، وخلال هذه المدة سمعتُ كلامًا في غايةِ السوء من صهري في حقي، أغضبني جدًّا؛ فتلفَّظتُ بيمين الطلاق مرتين، ولم أنوِ الطلاق حينها، وكان ذلك في شهر مايو الماضي، فما حكم الشرع في ذلك؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن الطلاق إذا كان باللفظ الصريح فهو واقعٌ شرعًا، ولو لم يقصد به الزوج حلّ العصمة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ثَلَاثٌ ‌جِدُّهُنَّ ‌جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالرَّجْعَةُ) [الترمذي: 1184، حسن]، وقال الدردير رحمه الله: “(وَلَفْظُهُ الصَّرِيحُ) الَّذِي تَنْحَلُّ بِهِ الْعِصْمَةُ -وَلَوْ لَمْ يَنْوِ حَلَّهَا-مَتَى قَصَدَ اللَّفْظَ (الطَّلَاقُ) كَمَا لَوْ قَالَ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي … (وَطَلَّقْتُ) … (وَطَالِقٌ) … (وَمُطَلَّقَةٌ)” [الشرح الصغير: 559/2].

والطلاق المكرر يقعُ بعددِ ما كررهُ الزوج، إن لم ينو بالتكرار التأكيد، قال الخرشي رحمه الله: “إذَا كَرَّرَ الطَّلَاقَ بِلَا عَطْفٍ بِأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: … أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، طَالِقٌ، طَالِقٌ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْمُبْتَدَإِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ نَسَقٍ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا، وَمَحَلُّ اللُّزُومِ إنْ لَمْ يَنْوِ التَّأْكِيدَ” [شرح الخرشي: 50/4]، قال العدوي رحمه الله: “(قَوْلُهُ: إِنْ لَمْ يَنْوِ التَّأْكِيدَ) أَيْ: بَلْ نَوَى التَّأْسِيسَ، أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ” [حاشية العدوي على شرح الخرشي: 50/4].

عليه؛ فقد لزم الزوج طلقتان، ولا تنفعه نيته عدمَ إرادةِ الطلاقِ؛ لوقوعه باللفظِ الصريحِ، ويجوز له أن يُرجع زوجته لذمته، لكن بعقد جديد وصداقٍ وشاهدين؛ لأن الزوجة قد خرجت من العدّة، ولم يرجعها الزوج قبل انتهائها، فبانت بذلك بينونةً صغرى، قال القرطبي رحمه الله: “فَإِنْ لَمْ يُراجِعْهَا الْمُطَلِّقُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَهِيَ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا، وَتَصِيرُ أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ، لَا تَحِلُّ لَهُ إِلَّا بِخطْبَةٍ وَنِكَاحٍ مُسْتَأْنَفٍ” [الجامع لأحكام القرآن: 488/5]، وعلى الزوج أن ينتبه لنفسه، ويبتعد عن الطلاق؛ لأنه إذا طلّق مرة ثالثة فإنّ المرأة تَبينُ منه بينونةً كبرى، لا تحلُّ له إلّا بعد أنْ تنكحَ زوجًا غيره نكاحَ رغبة، ثم يطلقها أو يموت عنها، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

23//صفر//1444هـ

19//09//2022م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق