بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5088)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
طلقتُ زوجتي في حالة غضبٍ، في مجلسٍ حضرَ فيه عمِّي، مِن أجلِ أن يحصلَ الطلاقُ باتفاقٍ وتراضٍ، لكن حدثَ جدالٌ وتبادلٌ للكلامِ، فغضبتُ وطلقتها، فما حكم هذا الطلاقِ؟ علما أني كنت واعيًا بنفسي، وقد كنت طلقتُها من قبل مرتين وأرجعتها، لكن لا يوجدُ حكم من المحكمة.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الزوج إذا أوقع الطلاق بلفظهِ الصريحِ، وكان واعيًا لما يقوله؛ فإن الطلاق واقعٌ، ولو كان في حالة غضبٍ شديدٍ؛ لحديث خولة بنت ثعلبة امرأة أوس بن الصامت رضي الله عنه: (أنّها رَاجَعَتْ زَوْجَهَا، فَغَضِبَ، فَظَاهَرَ مِنْهَا، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ سَاءَ خُلُقُهُ وَضَجِرَ… فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ الظِّهَارِ، وَأَمَرَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بالكَفَّارَةِ) [ابن ماجه: 2063]، فوقع منه الظهار رغم شدةِ غضبِه، ولم تسقطْ عنه كفارتُه، والطلاقُ كالظهار، وقال الصاوي رحمه الله: “يَلْزَمُ طَلَاقُ الغَضْبَانِ، وَلَو اشْتَدَّ غَضَبُهُ” [بلغة السالك: 351/2].
عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، فالزوجُ قد استنفد الطلقات الثلاث، وبانْت منه المرأةُ بينونةً كبرى، ولا تحلُّ له حتى تنكحَ زوجًا غيره -نكاح رغبة- ثم يطلقها، أو يموت عنها؛ لقول الله تعالى: ﴿فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: 228]، قال ابن عبد البر رحمه الله: “وَأَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ، فَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا، فَإِنْ طَلَّقَهَا الثَّالِثَةَ، لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ” [الاستذكار: 158/8]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الرحمن بن حسين قدوع
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
03//رجب//1444هـ
25//01//2023م