طلب فتوى
الفتاوىالمعاملاتالمغارسة

هل تمضي المغارسة في أرض الوقف؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5087)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

جاء في وثيقة مغارسة ما نصه: “… حضر كلٌّ من الفقيه ط والسيد م … والأول بصفته متولياً وإماماً على جامع قرية س قد سلم للثاني كامل قطعة أرض عائدة للوقف المذكور بقرب قرية س … على أن يقوم م المذكور بغرسها أشجاراً مثمرة ليم ورمان… وتكون مدة الاتفاقية خمسة سنوات ابتداءً من تاريخه هذا، ثم بعد نهاية الأجل لهما أن يقتسما هذه الأرض بما فيها من أشجار بحيث يأخذ العامل المذكور النصف والنصف الآخر للمسجد المذكور…”، ما حكم هذه المغارسة؟ وكيف يتم التصرف فيها؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن المغارسة مع الوقفِ مما اختلفَ فيه أهل العلم، وقد جرى العمل في المذهب بجواز المغارسة في أرض الوقف، قال الونشريسي رحمه الله: “وَسُئِلَ بَعْضُ الشُّيُوخِ عَنْ حُكْمِ مَنْ أَعْطَى أَرْضًا مُحَبَّسَةً عَلَى وَجْهِ الْمُغَارَسَةِ، فَأَجَابَ: بِأَنَّهَا تَمْضِي، وَلاَ يَنْقُضُهَا مَنْ جَاءَ بَعْدَهُ مِنَ الْحُكَّامِ” [المعيار المعرب:436/7]، ومن شروط صحة المغارسة أن يكون عمل الغارس محدَّدًا بأجلٍ، يكون إلى الإثمار أو قبله لا بعده، قال القرافي رحمه الله: “قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ: وَلَا تَكُونُ الْمُغَارَسَةُ فِيمَا يُزْرَعُ سَنَةً بَلْ فِي الْأُصُولِ الثَّابِتَةِ، وَتَمْتَنِعُ إِلَى أَجَلٍ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْجُعْلِ ‌بَلْ ‌لِلْإِثْمَارِ أَوْ قَبْلَهُ” [الذخيرة:142/6].

عليه؛ فإن تحديد أجل هذه المغارسة بخمس سنواتٍ، وهو أجل إثمار شجر البرتقال والرمان، كما ذكر أهل الخبرة؛ يجعلُها صحيحةً؛ فإذا تم عقد المغارسة بين المغارس وناظر الوقف، ووفّى المغارس بما تعاقد عليه من العمل ، فإنه يجاب لطلب المقاسمة متى طلبَه، وتكون في الشجر والأرضِ، على ما ذكر في وثيقة المغارسة، قال ابن عبد البر رحمه الله: “الّذِي يَجُوزُ… أَنْ يُعْطِيَهُ أَرْضَهُ عَلَى أَنْ يَغْرِسَهَا شَجَراً مَعْلُوماً مِنَ الأصُولِ الثَّابِتَة، كَالنَّخْل، والأَعْنَابِ، وَشَجَر التّينِ، والزَّيتُونِ، والرّمَان، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأصُولِ، فَمَا أَنْبَتَ الله فِيهَا مِنَ الشَّجَر، وَتمَّ وَأَثمرَ، فَذَلكَ بَيْنَهمَا بِأَصْلِهِ وَقَاعَتِهِ مِنَ الأرْضِ، عَلَى مَا تَشارَطا عَلَيه، إِذَا وَصَفَ النَبّات لِشَجَرٍ حدًّا مَعلُومًا، وَلَو قَالَا: ِإذَا أَطْعَمَ الشّجَر، كَانَ حدًّا” [الكافي: 267/2]، وتكون حصةُ المغارس ملكًا له ملك رقبة، يأخذها متى طلب القسمة، ولو يبس الشجرُ بعد الإطعام، ولا يدخلُ في القسمة إلّا ما غرس ونبت زرعه، قياسًا لها على الجعل، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الدائم بن سليم الشوماني

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

02//رجب//1444هـ

24//01//2023م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق