حذاري من استنساخ تجربة مصر.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
عندما قال الإسلاميون إن ما حدث بمصر كان انقلابا على الشرعية، تم فيه عزل رئيس منتخب، أوصله إلى الرئاسة صندوق الاقتراع، تحت إشراف دولي اعترف حينها وأطنب في نزاهته.
وتأكد هذا أنه تم بمقتضاه حل مجلس الشورى المنتخب، وتعطيل العمل بالدستور، كما تم اعتقال المعارضين، بمن فيهم الرئيس المنتخب.
أجابت القوى المعارضة: الشرعية ليست كلها صناديق اقتراع وانتخابات، مهما كانت حرة شفافة، الشرعية الحقيقية هي إرادة الشعب، فقد خرج الملايين إلى الميادين ينادون بإسقاط الحكومة، فهذا تصحيح للشرعية، وليس خروجا عليها.
ومع صعوبة قبول هذا التصور الأخير للشرعية، عندما يكون في مواجهة حكومة منتخبة، على الأقل لعدم انضباطه وسلامة التحاكم إليه، كما أنه يُذَكِّر العالم بتصعيدات القذافي في الميادين لتولي المناصب – فلا يمكن البته مقارنة عملية انتخابية تم فيها حصر الأصوات المؤيدة والمعارضة بالفرز والعد، صوتا صوتا – مُقارنَتُها بتحشيدات تعتمد حرز الأعداد بامتلاء الميادين، وإلا لما تواطأ العالم واتفق شرقه وغربه على صندوق الاقتراع في اختيار الحكومات، ولاكتفى في الوصول إلى معرفة الأغلبية بملأ الميادين بالمؤيدين أو المعارضين، وتَرَك للمراقبين وللإعلام أن يعلن النتيجة! ويقرر أي الميادين حسم المعركة، واستلم السلطة!!
ثم لو سلمنا أن خروج الشعب بأعداد كبيرة في الميادين يصلح لإسقاط رئيس منتخب، لأجل التصحيح كما يقال، فكيف يصلح لتعطيل دستور أقره الشعب في استفتاء عام بالأغلبية؟! والمشاركون فيه من أبناء الشعب المصري – بالتأكيد هم أكثر بكثير من الذين هتفوا في الميادين!
أليس هذا استلابا لحق الأغلبية المُنَظَّمة في استفتاء شعبي مُقَنَّن بأغلبية هَوْجائية في الميادين؟!!
فعلى الأحرار في ليبيا أن ينتبهوا لمن يريد أن يستنسخ نكسة مصر – حفظ الله أهلها من كل سوء – ليُسقطها على الحالة الليبية بتضخيم الأزمات التي تمس المواطن، مثل الكهرباء والاتصالات والبنزين، وخطف الشرعية من المؤتمر الوطني العام، بدعوى فشله، وعدم اعتنائه بالأولويات! والى من يعمل على إحياء تحالفات القذافي القبلية، وإثارة النعرات الجهوية، التي تمزق الوطن، وتنذر بشر مستطير!
ليبيا وطن واحد للجميع، التمايز فيه بالعطاء والعمل الصالح، لا بالجهة ولا القبيلة … ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ )
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
١٥ رمضان ١٤٣٤ هـ
٢٤ يوليو ٢٠١٣