بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3757)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أنا المواطن س، وقَعتُ على مخطوبتي قبل العقد، ثم ظهر أنها حامل، ثم عقدت عليها ودخلت بها، وأنجبتْ طفلا بعد خمسة أشهر، فما حكم العقد؟ ولمن ينسب هذا الطفل؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالأصل الذي عليه جمهور أهل العلم؛ أن ولد الزنا لا ينسب إلا لأمه، ولا ينسب للزاني، ومن أهل العلم من يُجوّز نسبته إلى الزاني إذا ادعاه، ولم تكن المرأة ذات زوج، وهو قول إسحاق بن راهويه، والحسن البصري، وعروة بن الزبير، وسليمان بن يسار، ومحمد بن سيرين، وعطاء بن أبي رباح رحمة الله عليهم جميعا، وهو منقول عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ذكر ذلك كله ابن القيم رحمه الله، مستدلا بحديث جريج الراهب، عندما رمته امرأة بالزنا، وولدت غلامًا، وفيه سؤال جريج للغلام: “من أبوك؟”، فقال الغلام: “الراعي”، فأنطقه الله باسم أبيه [البخاري:2482،مسلم:2550]، وقال في الاستدلال به: “وَهَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالَى فَلَا يَكُونُ خَطَأً” [زاد المعاد:5/425].
وعليه؛ فلا بأس من الأخذ بهذا القول المخالف للجمهور؛ نظرًا لتشوف الشارعِ لحفظِ الأنساب، ورعاية الأولاد، وحمايتهم من التشرد والضياعِ، وفي نسبة هذا الطفل لأبيه تحقيقٌ لهذه المصلحة، وتتميمٌ للستر، وحينئذ يجري عليه ما يجري على الأولادِ من الميراث، ونحو ذلك، وبناء عليه يكون العقد صحيحا أخذا بمذهب الأحناف والشافعية، وهو قول معتبر؛ سترا لهما ولأهلهما، وسدا لباب الفتن بين العائلات والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
21// جمادى الأولى//1440هـ
27//01//2019م