بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3730)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
توفي رجل وزوجته اختناقا في حادث احتراق منزل، بتاريخ: 16/ 9/ 2016م، فطالب والدا الزوجة بدفع مؤخر الصداق لابنتهما المتوفاة، من إجمالي التركة عند تصفيتها، ومقدار المؤخر ستون ليرة ذهب في ذمة الزوج لمدة سنتين، حسب ما جاء في عقد الزواج، المبرم بتاريخ: 2/ 5/ 1999م.
فعلى أي أساس يتم احتساب القيمة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الصداق هو ما تستحقه الزوجة من الزوج بسبب النكاح، وهو حق خاصّ بها، وقد فرضه الله تعالى على الأزواج، قال تعالى: (وَءَاتُوا النِّسَآءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) [النساء:4].
فإذا توفي الزوج قبل أدائه، وجب على ورثة الزوج إخراجُ مؤخرِ الصداق كاملًا، قبل أن تقسم التركة؛ لأنه دين في ذمة الميت، يجب أن يؤدى قبل قسمة التركة كسائر الديون، قال الله تعالى في آية المواريث: (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَو دَيْنٍ) [النساء:11].
فإذا كان مؤخر الصداق مكتوبًا في العقد ليرات ذهب، دون تقدير قيمة لها في العقد بالدينار الليبي، فالحق الثابت للمرأة أو ورثتها قبض المهر ليرات ذهب، كما هو مكتوب؛ لأنها عين الدين، فإذا رضي ورثة المرأة بأخذ قيمتها فلهم ذلك، ولكن بالسعر الذي يرضونه، لا أن يُفرض عليهم من قبل ورثة أو أقارب الزوج المتوفى؛ لأن هذا عقد مصارفة جديد، لا علاقة له بعقد الزواج، والعقود شرطها الرضا بالإجماع؛ لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلاَّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) [أحمد:20695].
مع التنبه إلى أنه إذا رضي الورثة بأخذ قيمة الليرات نقودًا، فالواجب أن يتم دفع القيمة في مجلس الاتفاق، دون تأخير؛ لأن أخذ النقود عن الذهب من الصرف، الذي يجب فيه التقابض في المجلس؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلم: (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، سواء بسواء، يدًا بيدٍ، فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدًا بيد) [مسلم:1587].
وإذا لم يقدرْ ورثة الزوج على دفع القيمة كلها في وقت واحد، فالواجب أن يبقى الدَّين ليرات ذهب، ويقسط على أقساط، ويدفع منه عند حلول القسط قدر من الليرات، إلى أن تستوفى كلها ليرات.
ويُتنبه إلى أنه إذا تُحُقِّقَ من موت الزوجة قبل الزوج، فإنه يرث الربع من مالها، ومن ضمنه مؤخَّرُ صداقها، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
03/جمادى الأولى/1440هـ
2019/01/09م