بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3985)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أوصى زوجي بقسمة تركته على أولاده وزوجته الأولى، ثم توفيت قبله، وكان قد كتبها قبل زواجه مني، فَمُنعت من نصيبي بحجة إنفاذ الوصية، فما حكم ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الوصية لوارث لا تجوز، إلّا إذا أجاز جميع الورثة ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ أَعْطَى لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّه، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) [أبوداود:2870]، وزادَ الدارقطني: (إِلّا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ) [سنن الدارقطني:89]، وقال الإمام مالك بن أنس رحمه الله: “السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ عِنْدَنَا الَّتِي لاَ اخْتِلَافَ فِيهَا؛ أَنَّهُ لاَ تَجُوزُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ، إِلا أَنْ يُجِيزَ لَهُ ذَلِكَ وَرَثَةُ المَيّتِ” [موطأ مالك:503[.
ولا يجوز لأحد من الورثة أن يمنع وارثا من نصيبه من الميراث، فقد تولى الله تبارك وتعالى قسمة التركات، ولم يكلها لأحدٍ من العالمين، قال سبحانه تعالى بعد بيان المواريث: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُّطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَنْ يَّعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُّدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ [النساء:13،14]، وقال تعالى: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا﴾ [النساء:7]، والميراث يدخل جبرًا في ملك الوارث، لا يحتاج إلى إذن أحد.
عليه؛ فالواجب قسمة التركة على جميع الورثة ممن ثبتت حياتهم بعد وفاة المورِّث، حسب الفريضة الشرعية التي حدها الله تعالى في كتابه، ومن منع وارثًا من حقه فهو آثم متعدٍّ، تلزمه التوبة، وإعطاء المحروم نصيبه من الميراث، والله أعلم.
وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء الليبية:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
24// المحرم// 1441 هجرية
23// 09// 2019م