تأسيس صندوق تعاوني عائلي
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2065)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
قمنا قبل ثمان سنوات بتأسيس صندوق عائلي، يدفع المشتركون في الصندوق 5 دينارات كلّ شهر، وتُصرف هذه الأموال في الوفيات؛ فيعطى أهل الميت 1000 دينار إذا كان عمر المتوفى 5 سنوات فأقل، و2000 دينار لمن تجاوز 5 سنوات، كذلك تصرف في دفع الديات، فما حكم هذا الصندوق؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنشاء صندوق ليكون عونًا على وجوه البر مثل تزويج العَزَب، وعلاج المريض، والإعانة على الدية في القتل، وسداد القرض عن المعسر، يعدّ أمرًا مشروعًا محمودًا، من التعاون على البر والتقوى، قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة:2]، وقال صلى الله عليه وسلم: (وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ) [مسلم:2699]، ومن يدفع جزءا من المال كل شهر إلى هذا الصندوق طواعية منه – لا يدفعها ليغامر بها رغبة في أخذ أكثر مما يعطي وكسب مال الآخرين، وإنما يفعل ذلك ليعين نفسه ويعين غيره، عندما تنزل به أو بهم نازلة لا يقدرون على دفعها حتى يدفعوها متعاونين – من يشارك في الصندوق بهذه النية يكون مأجورا إن شاء الله، فقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم الأشعريين، فقال عنهم: (إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قل طعام عيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم منّي وأنا منهم) [البخاري:2354]، فمالُ الأشعريين قد يصيب فيه أحدهم أكثر مما يصيب غيره، ومال الصندوق كذلك، قد يصيب فيه أحدُ المشاركين أكثر مما يصيب غيره، فليس فيه غرر ولا غبن، كما لم يكن في ثوب طعام الأشعريين غرر ولا غبن.
وينبغي أن تكون مصارف الصندوق كلها مصارف مشروعة، وليس فيها إعانة على إنفاق غير مشروع، كدفع المال لمن يموت له أحد قرابته – كما جاء في السؤال – ؛ ليعينوه على شراء الذبائح وإطعام الطعام، فإن طعام الميت منهي عنه؛ لما جاء في حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: (كنا نرى الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة) [ابن ماجه:1612]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
محمد الهادي كريدان
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
19/ذو الحجة/1436هـ
2014/10/13م