بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4388)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
كتبَ والدِي وصيةً، وأوصانا ألّا نفتحَها إلا عندَ قسمةِ التركة، وبعد وفاتهِ بعدةِ سنواتٍ اتفقَ الورثةُ على قسمةِ التركةِ، فقمنا بفتحِ الوصيةِ، ووجدنا فيها أنّ والدي أوصَى بأن تقسَمَ العمارةُ التي نقيم فيها على النحوِ الآتي: الشقةُ الرابعةُ لأحدِ أبنائهِ، والشقةُ الثالثةُ لبناته السبعة، والشقة الثانيةُ لأحدِ أبنائه، والشقةُ الأولى والورشةُ التي بالدور الأرضي مِن العمارة لأحفادهِ الثلاثة (أبناء ابنه)، وأوصَى بالمنزل العربيّ القديمِ لأحدِ أبنائهِ، فما حكم هذه الوصية؟
الجواب:
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن كان الحال كما جاءَ في السؤالِ، فإن الوصية للأحفاد الثلاثةِ صحيحةٌ، تنفذ في حدودِ الثلثِ مِن كامل تركةِ المتوفّى بعد موته، وحصر تركته واستيفاءِ الديون، قال تعالى: (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ) [النساء:11]، وما زادَ على الثلث فللورثةِ الحق في إمضائهِ أو عدمهِ، فإن شاءوا أقرُّوه، وإن شاءُوا منعُوه.
وأما باقي الوصايا فهى باطلة؛ لأنها وصايا لورثة، والوصية لوارث لا تجوز، إلّا إذا أجازَها باقي الورثة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن اللهَ أعطَى لكلِّ ذِي حقّ حقَّه، فلا وصيةَ لوارث) [أبوداود:2870]، وزادَ الدارقطني: (إِلّا أنْ يشاءَ الورثةُ) [سنن الدارقطني:89]، وقال الإمام مالك بن أنس رحمه الله: (السنّةُالثابتةُ عندنا التي لا اختلافَ فيها؛ أنه لا تجوزُ وصيةٌ لوارث، إلا أن يجيزَ له ذلك ورثةُ الميت) [موطأ مالك:503].
عليه؛ فإنّ هذه الوصيةَ تكونُ موقوفةً على إجازةِ الورثة، فإن أجازوها مضَتْ، وكان ذلك ابتداء عطيةٍ منهم، وإلّا فلكلّ وارثٍ من ورثةِ الموصِي نصيبه، الذي فرضَه له ربّه، بعدَ إخراجِ وصيةِ الأحفادِ المذكورةِ، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الدائم بن سليم الشوماني
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبدالرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
03//رجب//1442هـ
15//02//2021م