بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3830م)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
ورثنا أرضًا عن جدِّنا، كان قد تحصَّل عليها عن طريق المغارسةِ مع أرضِ الوقفِ، وقد علمنا ذلك مما سمعناه من الناس بالتواتر، أنّ جدَّنا ملك الأرضَ بالمغارسةِ مع الوقفِ بالمناصفةِ، ولم نتحصّل على وثيقة المغارسةِ، مع العلم أنّ المغارسةَ مضى عليها أكثر مِن 80 عامًا، فهل تحصلَ جدُّنا على الأرضِ بوجهٍ مشروع؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن المغارسةَ مع الوقفِ مما اختلف فيه أهل العلم، فمشهورُ مذهب مالك رحمه الله أنها لا تجوزُ؛ لأنّها تؤولُ إلى بيع جزءٍ من الوقف لاستصلاحِ الجزءِ الآخر، والأصل أنّ الوقف لا يجوز بيعه، وإنْ خربَ، وفي رواية أخرى عن مالك؛ يجوز بيعه إنْ خربَ، بشرطِ أنْ يعوض مثله ما يكون أنفعَ للوقف، وجرى العمل في المذهب بجواز المغارسة إذا تحققت المصلحة، جاء في المعيار: “وَسُئِلَ بَعْضُ الشُّيُوخِ عَنْ حُكْمِ مَنْ أَعْطَى أَرْضًا مُحَبَّسَةً عَلَى وَجْهِ الْمُغَارَسَةِ، فَأَجَابَ: بِأَنَّهَا تَمْضِي، وَلاَ يَنقُضُهَا مَنْ جَاءَ بَعْدَهُ مِنَ الْحُكَّامِ” [المعيار المعرب:7/436].
وأما عدم تحصلكم على وثيقة المغارسة، وعلمكم بذلك عبر ما سمعتموه من الناس بالتواتر، فإن شهادة السماع يعمل بها في إثبات الملك المتسبَّب عن ما يوجب انتقال الملك، من شراء أو صدقة أو مغارسة صحيحة، قال التسولي رحمه الله أثناء حديثه عن إِعمال شهادة السماع: “(وَ) أُعْمِلَتْ أَيْضًا (فِي) سَبَبِ (تَمَلُّكٍ) أَيْ دُخُولٍ (لِمِلْكٍ) أَصْلاً كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (بِيَدِ) حَائِزِهِ فَأَطْلَقُوا السَّبَبَ الَّذِي هُوَ التَّمَلُّكُ بِمَعْنَى الدُّخُولِ فِي الْمِلْكِ عَلَى سَبَبِهِ الَّذِي هُوَ مَا يُوجِبُ النَّقْلَ مِنَ الشِّرَاءِ وَالصَّدَقَةِ وَنَحْوِهِمَا” [البهجة1:/125]، والمغارسة مع الوقف صحيحة، ينتقل بها الملك إذا وفَّى المغارس بما اتفق عليه.
عليه؛ فإن جدكم تملَّك الأرض بوجه مشروع، وهو المغارسة مع أرض الوقف، ويُكتفى في ثبوت ملكه لها بشهادة السماع، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
26//جمادى الآخرة//1440هـ
03//03//2019م