حكم زوجات المفقودين في فيضانات درنة من حيث التربص بالعدة وقسمة الميراث
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5360)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
ما حكم زوجات المفقودين من فيضانات درنة، من حيث التربص بالعدة وقسمة الميراث؟ وهل لا بد أن يصدر في حقهم أمر قضائيٌّ؟
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فالمفقود في الأوبئة والكوارث كالزلازل والطوفان ونحو ذلك؛ يحكم له بحكم المقتول، فتعتدّ امرأته، ويُقسَم مَاله فَور تأكّد الخبرِ من وقوعِ الحدثِ؛ لأنَّ الغالبَ مَوتهُ، قال الموّاق رحمه الله: “(كَالْمُنْتَجِعِ لِبَلَدِ الطَّاعُونِ أَوْ فِي زَمَنِهِ) اللَّخْمِي: مَنْ فُقِدَ بِبَلَدِهِ زَمَنَ الطَّاعُونِ أَوْ بِبَلَدٍ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ زَمَنَهُ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَوْتِ؛ لِقَوْلِ مَالِكٍ فِي نَاسٍ أَصَابَهُمْ بِطَرِيقِ حَجِّهِمْ سُعَالٌ يَمُوتُ الرَّجُلُ فِي سَفَرِهِ وَلَمْ يَأْتِ لَهُمْ خَبَرُ مَوْتٍ وَلاَ حَيَاةٍ تَتَزَوَّجُ نِسَاؤُهُمْ وَيُقْسَمُ مَالُهُمْ، وَكَذَا شَأْنُ الْبَوَادِي يَنتَجِعُونَ فِي الشَّدَائِدِ مِنْ دِيَارِهِمْ إِلَى غَيْرِهَا مِنَ الْبَوَادِي ثُمَّ يُفْقَدُونَ: إِنَّهُمْ عَلَى الْمَوْتِ” [التاج والإكليل: 5/506]، قال الدّردير رحمه الله: (كَالْمُنتَجِعِ) أَيْ الْمُرْتَحِلِ (لِبَلَدِ الطَّاعُونِ أَوْ فِي زَمَنِهِ) فَفُقِدَ أَوْ فُقِدَ فِي بَلَدِهِ مِن غَيْرِ انتِجَاعٍ فَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ بَعْدَ ذَهَابِ الطَّاعُونِ، وَوُرِثَ مَالُهُ حِينَئِذٍ وَلاَ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْمَفْقُودِ” [الشّرحُ الكبيرُ: 2/483].
عليه؛ فلا يشترط حكم القاضي للحكم بموت المفقودين في فيضان درنة، وابتداءِ العدة، بل تبدأ المرأة في العدة من حين اليأس من العثور عليهم، وتقسم أموالهم على الورثة، قال الدّسوقي رحمه الله: “(قَولُهُ: وَلَمَّا أَنهَى الْكَلَامَ عَلَى أَحْكَامِ الْمَفَاقِيدِ الْأَرْبَعَة)… وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لاَ يُحْتَاجُ لِلْحُكْمِ بِمَوْتِهِ فِي الْأَقْسَامِ كُلّهَا وَلاَ لِإِذْنِ الْقَاضِي لِلزَّوْجَةِ فِي الْعِدَّةِ” [حاشيته على الشرح الكبير: 2/483]، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشّريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
21//ربيع الآخر//1445هـ
05//11//2023م