طلب فتوى
البيعالتبرعاتالفتاوىالمعاملاتالهبة

هبة صحيحة لازمة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5604)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

خصصت جامعةُ طرابلس شققًا في عمارات النجيلة (مجموعة الحي السكني الجامعي) لموظفيها، لكن لم يتحصلْ جزءٌ كبيرٌ منهم على شقةٍ، ونظرًا لبعد موقع هذه الشققِ خاصةً عن مَن يسكنُ وسط طرابلس، قام بعضُ مَن خُصصت لهم الشققُ بالتنازلِ عن هذا التخصيص لموظفينَ آخرينَ في الجامعةِ بمقابل، فطلبَ أخي من والدي أن يعطيَه مقابل التنازلِ، فوافقَ والدي، وأعطاه سنة 1993م ثمانية آلاف دينار؛ لغرض شراء الحق في الشقةِ مِن أحدِ موظفي جامعة طرابلس (عتبة أو خلو رجل)، وسُجلت الشقةُ باسمه في الإسكان الجامعي؛ إذ إنّ أخي موظفٌ في جامعة طرابلس، ولم يكن يسمحُ بتخصيصِ هذه الشقق لغير موظفي الجامعةِ وأعضاءِ هيئةِ التدريس فيها، وبقيتِ الشقة شاغرةً حتى سنة 2000م، عندما طلب والدي من أخي أن أتزوجَ فيها، فوافق أخي، وسكنتُ الشقةَ بضعَ سنوات، وفي سنة 2007م أشارَ الوالدُ على أخي ببيع الشقة، فوافقَ أخي، وبيعت الشقة بمبلغ 43000 دينار، فاستلمه شقيقي، وعمل به في تجارته، فهل يصحُّ للورثة المطالبةُ بثمن شراء الشقةِ سنة 1993م، أو بثمن بيع الشقة سنة 2007م، أو ما نتج عن استثمار المبلغ؟ علمًا أنّ الوالدَ لم يعطِ المبلغ لأخي على سبيل الدين، ولم يطالب بالمبلغ، أو ينسبِ الشقة لنفسه طيلةَ حياته.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن كان الحال كما ذكر في السؤال، فالمبلغ الذي أعطاه الوالد لابنه ليشتري به الحق في الشقة هبة صحيحةٌ لازمة؛ لتوفر شروط صحةِ الهبة ولزومها، قال القاضي عبد الوهاب رحمه الله: “عَقْدُ الصَّدَقَةِ وَالْهَبَةِ يَصِحُّ وَيَلْزَمُ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ، لَكِنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ فِي نُفُوذِهِ وَتَمَامِهِ” [المعونة: 3/1607]، ولأن الهبة لا يشترط أن تكون بلفظها، بل تصح بكل لفظ أو فعلٍ يدل على معناها كالعطية من الأب في هذه الصورة ونحوها، وقد حصل في الهبة الواردة في السؤال العقد والقبض، فهي هبة صحيحة لازمة، ولا حق لبقية الورثة في مطالبة الموهوب له بالمبلغ الذي أعطاه الوالد، ولا بالثمن الذي بيعت به الشقة، ولا بما نتج عن استثماره.

وبيع الأخ الشقة بثلاثة وأربعين ألف دينار، إن كان لمستحقيها من العاملين في الجامعة، فهو بيع صحيح، وإن كان لأجنبي دون إذن من الجامعة، فبيعه باطل وتعدٍّ لا حق له فيه، وهو بذلك آثم، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

حسن بن سالم الشريف

عبد الرحمن بن حسين قدوع

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

19//شوال//1445هـ

28//04//2024م 

 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق