طلب فتوى
الإجارةالفتاوىالمعاملات

حكم عدم خصم الغياب من مرتبات الموظفين في كثير من المؤسسات الوظيفية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5614)

 

السيد المحترم/ عميد بلدية س ص.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة، وبعد:

فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمنة السؤال عن حكم المرتبات والأجور، التي تصرف لبعض الموظفين كاملة، على الرغم من عدم حضورهم إلى مقر العمل خلال ساعات الدوام الرسمي، المنصوص عليها في اللوائح والقوانين المشار إليها، وأنه قد لوحظ من بعض الجهات تغيب موظفيها عن العمل يومين أو ثلاثة خلال الأسبوع بشكل مستمر، معتبرينه عُرفًا للجهات الإدارية، دون معاقبتهم أو خصم أيام تغيبهم.

الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فما دامت اللوائح تنص على أن مدة الدوام 5 أيام في الأسبوع بساعات معينة، فلا يجوز لأحد أن يستند إلى أنَّ الأعراف تسمح لرئيس المصلحة أن يغيرها إلى يوم واحد؛ لأنها أعراف فاسدة، مخالفة لمنصوص من يملك الأمر، فإن العمل بالأعراف مقيد بقاعدةِ عدمِ مخالفتها للمنصوص عليه في اللوائح.

كما أنه لا يجوز تقليص أيام أو ساعات الدوام الرسمي، المعلنة في اللوائح الرسمية -سواء كان من الموظفين أنفسهم أو من المسؤول عنهم- ولو لم يكن ثمة عمل؛ لأن الوظيفة مرتبطة بالوقت، لا بإنجاز العمل، والموظف يستحق المرتب كاملا على وجوده في مكان العمل، كل الوقت المحدد، مع القيام بما أسند إليه من عمل، دون تباطؤ ولا تنصل، وإلا فلا يستحق منه إلا بقدر ما أدى من وقت ومن عمل.

ولا شك أن من مكث في بيته، لا يلتحق بعمله، أو يأتي لعمله ولكن لفترات قليلة؛ وكذا من يخرجون متى ما يريدون، ويكثرون الغياب، ويأخذون مرتباتهم كاملة، لا شك أن هذا يعدّ من أكل المال بالباطل، والتعدي على المال العام، ولا يُعفي الموظفَ تهاونُ الجهة التي يتبعها معه مِن المسؤولية، وكل ما يأخذونَه من المرتبات على هذه الحال لا يحقُّ لهم منه إلا بقدر ما أدوا عمله حقيقة، وما عداه فهو أخذ للمال العام بغير وجه حق، فيجب التخلص منه في مصالح المسلمين العامة؛ لمن أراد أن يبرئ ذمته، قال الله تعالى محذرا من المال العام: (وَمَن ‌يَغۡلُلۡ يَأۡتِ بِمَا غَلَّ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ)  [آل عمران:161]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (رُدّوا الخياطَ وَالمـخِيطَ، فَإِنّ الغُلُولَ عَارٌ وَنَارٌ وَشَنَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ) [النسائي:3628]، وقال صلى الله عليه وسلم: (إنّ رِجَالا يَتَخَوّضُونَ فِي مَالِ اللهِ بِغَيْرِ حَقّ فَلَهُمُ النّارُ يَومَ القِيَامَةِ) [البخاري:3118].

والواجب على من ولَّاهُ الله منصبًا أن يكونَ حريصًا على المال العام؛ لأنه مالُ المسلمين جميعًا، وإضاعته أو التفريط فيه بإعطائه لمن لم يستحقه، تفريطٌ في مال الأمّة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (كُلّكُمْ رَاعٍ وَكُلّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيّتِهِ) [البخاري:5200]، والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

حسن بن سالم الشريف

عبد الرحمن بن حسين قدوع

 

الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

26// شوال// 1445هـ

05// 05// 2024م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق