طلب فتوى
الإجارةالفتاوىالمعاملات

المشاركة في التوصيل عن طريق تطبيق (توربو)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5594)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أعمل سائق أجرة، وهناك تطبيق على أجهزة الهاتف يسمى (توربو)، يقوم على الربط بين السائق والزبون، يمكن الاشتراك في هذا التطبيق بإحدَى صفتينِ؛ بصفةِ السائق، وبصفةِ الراكب، يقوم الراكبُ بتحديد وجهته، ويطلبُ التوصيل إليها، وتظهر لديه الأجرةُ التي تقوم بتحديدها شركة (توربو)، فإن قَبِلَ وقدّم الطلب؛ خرج الطلب في أجهزة أقربِ السائقين إليه، فيختصُّ به أوَّلُ السائقين قَبولا للطلب، غير أن السائق لا يعلم مقدار الأجرة، وتشترط عليه الشركة أن لا يسأل الراكب عنها، ولا تظهر له الأجرة إلا عند انتهاء الرحلةِ وإيصال الزبون، وربما أصابتْ تخمينَه وربما أخطأتْ، وتتقاضى الشركةُ من السائق ما نسبته 25 % من أجرةِ الرحلات، ويوفر التطبيقُ لكل مشتركٍ محفظة إلكترونية بالعملةِ الليبية، يستطيع الراكب الدفع عن طريقها، كما يستطيع الدفع نقدًا، وشحنُ هذه المحفظة يكون عبر دعوة الأصدقاء إلى التطبيق، وعبر شحنه من بطاقات (توربو) المتوفرة لدى موزعي الشركة، وعبر إنجاز التحديات التي تعرضها الشركة – وهذا خاصٌّ بالسائقين – كأن يقومَ بتوصيل عددٍ من التوصيلات في زمن قياسي، ويقبض السائق الأجرة كاملة، ويقع عليه لزامًا شحنُ المحفظة كلما استنفدَ ما في محفظتهِ الإلكترونية، حتى تتمكنَ الشركة من خصم نسبتها، فما حكم العملِ عبر هذا التطبيق؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنه لا يجوزُ ابتداءً التعاقدُ على عمل دون تحديدِ الأجرة، لأن من شرطِ الإجارةِ أن تكونَ الأجرةُ معلومةً ابتداء عند التعاقد، والجهالةُ في قدرها مفسدةٌ للعقد، وهي من الغرر الموصلِ إلى أكل أموالِ الناس بالباطل، قال ابن شاس رحمه الله: “وَلَمَّا كَانَتِ ‌الأُجْرَةُ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَجَبَ أَن يُرَاعَى فِيهَا شَرَائِطُهُ، فَلَوْ آَجَرَ دَارًا بِعِمَارَتِهَا وَهْيَ غَيْرُ ‌مَعْلُومَةٍ لَمْ يَجُزْ” [عقد الجواهر الثمينة: 3/926].

والوساطةُ بين الشركة المذكورة وبين السائقِ والزبونِ من قبيل السمسرة، وهي مِن الجعالة؛ لأنها تقوم بربطِ الزبون بالسائق الراغبِ في توصيله، وتتقاضى على ذلك نسبةً من الأجرة إن تم التوصيل، وهذه الوساطة جائزةٌ إن كانت الأجرة عليها معلومةً بالنصّ عند التعاقد، أو معروفةً بالعُرف، لكن لما كانت أجرةُ التوصيل نفسُها مجهولةً وقت التعاقد لدى أحد طرفي العقد، حيثُ إنَّ السائق لا يعلم مقدار أجرةِ التوصيل إلا بعد انتهاء الرحلة، فكذلكَ تكون الأجرة على الوساطة مجهولةً؛ لأنها نسبةٌ من أجرة مجهولة، وهذا مفسدٌ لكِلا العقدينِ: عقد الوساطة وعقد الإجارة.

وما يدفعه السائق في المحفظة؛ هو من الضمان الذي تأخذه الشركة من السائق، والسائقُ يدفعه نظيرَ توفيرِ فُرَصِ عملٍ له، فهو ضمانٌ بِجُعْلٍ، ممنوعٌ شرعا، فالعقد المذكور في السؤال ظلماتٌ بعضُها فوق بعض.

وعليه؛ فإن كان الحالُ كما ذكر؛ فلا يجوز للسائقينَ التعاملُ عبر هذا التطبيق، والتكسبُ من خلاله؛ لما يتضمنهُ التعامل عن طريقه مِن جهالةِ السائقِ بأجرةِ التوصيل عند العقد، وجهالةٍ في مقدار ما تمثله النسبةُ التي تتقاضاها الشركة من الأجرة، ويلزم القائمينَ على التطبيقِ تعديلُه، والعملُ على إطلاع السائق على أجرة التوصيل عند العقد، ثم هو بالخيارِ بين القَبول والردِّ، فبهذا يكونُ تصحيحُ العقد وانتفاءُ الجهالتين، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

عبد العالي بن امحمد الجمل

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

14/شوال/1445هـ

23/04/2024م  

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق