طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوى

طلاق المريض مرضا عقليا

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5599)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أنا مريضٌ مرضًا عقليًّا، وأتلقى العلاج بأحد المستشفيات، وقبل أسابيع وقع خلافٌ مع زوجتي، فغضبتُ، وقلت لها: (أنت طالق بالثلاثة وتحرمي عليّ ليوم الدين)، وكررتُه أكثر من مرة، وكنت واعيًا حينها لمَا تلفظتُ به، فما الحكم؟

الجواب:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإذا وقعَ الطلاق، والرجلُ على عقله، يعلم ما صدرَ منه، فطلاقُه لازم، ولا تأثيرَ للمرضِ مع وجودِ العقل، وأمّا إن كان المرضُ قد غيَّب عقلَه، وصارَ كالمجنونِ، ووقع الطلاق أثناءَ تأثير المرض، فلا يقع الطلاق، ولا شيءَ عليه؛ لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: (رُفعَ القلمُ عن ثلاثة؛ عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يُفيق) [ابن ماجه:658/1]، وفي المدونة؛ قال يحي بن سعيد رحمه الله: “مَا نَعْلَمُ عَلَى المَجْنُونِ طَلَاقاً فِي جُنُونِهِ، وَلا مَرِيضٍ مَغْمُورٍ لاَ يَعْقِلُ، إِلا أَنّ المَجْنُونَ إِذَا كَانَ يَصِحّ مِنْ ذَلِكَ، ويُرَدُّ إِلَيْهِ عَقْلُهُ، فَإِنّهُ إِذَا عَقِلَ وَصَحَّ جَازَ أَمْرُهُ كُلّه كَمَا يَجُوزُ عَلَى الصَّحِيح” [84/2].

وعامةُ علماء المذاهبِ الأربعةِ وغيرها، على أنّ طلاقَ الثلاث في كلمةٍ واحدةٍ يلزمُ منه الثلاثُ، وحكى كثيرٌ مِن العلماء الإجماعَ على ذلكَ، قالَ القرطبي رحمه الله: “قَالَ عُلَمَاؤُنَا: وَاتَّفَقَ أَئِمَّةُ الْفَتْوَى عَلَى لُزُومِ إِيقَاعِ الثَّلَاثِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ…” [الجامع لأحكام القرآن: 3/129]، وممن حكى الإجماعَ ابنُ المنذر، وأبو بكر الجصاص الحنفي، وأبو محمد الباجي المالكي، وابن حجر العسقلاني الشافعي، وابن رجب الحنبلي رحمهم الله.

عليه؛ فإن كان الحال ما ذكر، من كون الزوج قد أوقع الطلاق، وهو على عقله عالم بما يقول، فقد بانت المرأة من زوجها بينونةً كبرى، وكونه وقت الطلاق يعالج من الأمراض النفسية لا يعفيه من وقوع الطلاق، إلا إذا كان وقت الطلاق مكرها على التلفظ به مسلوب الإرادة، فإنه في حكم المكره لا يلزمه طلاق، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

عبد الرحمن بن حسين قدوع

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

19/شوال/1445هـ

28/04/2024م             

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق