طلب فتوى
الزكاةالعباداتالفتاوى

حكم إخراج الزكاة خارج البلد وصرفها للمدخن وتارك الصلاة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5661)

 

السيّد المحترم/ مدير مؤسسة الشيخ ص خ للإغاثة والأعمال الخيرية.

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحيّة طيّبة، وبعد:

فبالنـظر إلى مراسلتكم المتضمنة الأسئلة الآتية:

هل يجوز إخراج الزكاة خارج البلد؟ وما هي شروط جابي الزكاة؟ وما هي النسبة التي يستحقها عن كل مبلغ يجبيه؟ وهل يجوز دفع أموال الزكاة لعائلات فقيرة، ذات ظروف معيشية صعبة، العائل فيها مبتلى بالمعاصي؛ كالتدخين وترك الصلاة؟ وما هو الحد الأدنى الذي يُعطى للفرد أو الأسرة الفقيرة من الزكاة؟ وهل يجوز تأخير توزيع الزكاة على المستحقين، إن رأت المؤسسة في ذلك مصلحة؟

فإن الجواب عليها كما يلي:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالأصل في صرف الزكاة أن يكون في البلد الذي وجبت فيه الزكاة؛ لقول رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ رضي الله عنه حِينَ بَعَثَهُ إِلَى اليَمَنِ: (فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ) [البخاري: 1496]، إلَّا إذا كانَ الناسُ في البلد البعيدِ أشدَّ حاجةً وفقرًا، فيندبُ نقلها إليهم؛ إيثارًا للمضطرّ.

ويُشترطُ في العامل الذي يجبي الزكاة ما ذكره الشيخ الدردير رحمه الله بقوله: “وَيُشْتَرَطُ فِي الْعَامِلِ مَا ذُكِرَ [من كونه حرًّا مسلمًا غير هاشمي]، وَأَنْ يَكُونَ عَدْلًا عَالِمًا بِأَحْكَامِهَا؛ فَلَا يُسْتَعْمَلُ عَلَيْهَا عَبْدٌ وَلَا كَافِرٌ وَلَا هَاشِمِيٌّ وَلَا فَاسِقٌ وَلَا جَاهِلٌ بِأَحْكَامِهَا” [الشرح الصغير: 1/660].

والجابي هو الذي يُعيِّنهُ الوالي على الزكاة؛ ليخرجَ إلى الأماكن البعيدةِ ليجمع الزكاة من أصحابها، أو يخرج إلى المراعي وأماكن المياه ليعُدّ المواشي على أصحابها، ويأخذَ منهم ما يجبُ فيها؛ لتقومَ الجهة المتولية صرف الزكاة بتوزيع الماشية والأموال التي جباها على الفقراء.

ويُعطَى الجابي في هذه الحالة منها بقدرِ الاجتهاد الذي يتناسبُ مع أجرة مثله، إلا إذا كان يأخذ على عمله مرتبًا من الخزينة العامة، فإنه لا يعطى له شيءٌ لأجل الجباية.

أما مَن أعطاه الغنيُّ مقدارًا من الزكاة، وقال له: اصرفه على الفقراء، فهذا لا يسمّى جابيًا، ولا حقّ له في أخذ شيء منها؛ لأنه لم يخرجْ لجبي الزكاة، وإنما جاءته الزكاة إلى مكانه، فإنْ شاء أعان على صرفها، وإن شاء ردّها لصاحبها.

لذا لا يجوز للجمعيات الخيرية أو غيرها من المرافق الأهلية، التي يأتي إليها الناس بأموال زكاتهم ليتولوا صرفها، أخذُ شيء منها أجرةً على صرفها؛ لأنهم وكلاء عن دافع الزكاة؛ وليسوا من العاملين عليها بالتعريف المتقدّم.

ولا تُعطَى الزكاة لمن لا يصلي، أو لصاحبِ المعصية؛ لأنه يستعين بها على معاصيه، ولا يستعانُ بطاعة الله على معصيته، إلا إذا خِيفَ عليه الهلاك؛ فيعطى القوتَ الذي يكفيه، أما إذا كان الظن أن صاحبَ المعصية يصرفُ الزكاة في قوته وقوت عياله؛ فيمكن أن تصرفَ له أو تُشترَى له حاجياتُه وحاجيات أهله مِن القوتِ بعد استئذانه، ولا تسلمَ له نقدًا، وإعطاؤها لمن يصلي ويتقي اللهَ خيرٌ؛ لأنه أوْلَى بالعونِ والمعروف، قال عبد السلام التاجوري رحمه الله: “وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْتَارَ لِزَكَاتِهِ أَهْلَ الْفَضْلِ وَالدِّينِ، عَلَى الْفَسَقَةِ وَالسَّفَلَةِ وَالْمُسْتَعِينِينَ بِهَا عَلَى مَعْصِيَةِ اللهِ تَعَالَى” [تذييل المعيار: 2/24].

ويُعطَى كل صنفٍ من الزكاة بقدرِ ما تندفعُ به حاجته، دونَ إسرافٍ ولا تبذيرٍ ولا تضييقٍ، وهذا القدرُ يختلفُ باختلاف الحالِ والزمانِ والمكان.

وحبسُ الزكاة عن مستحقِّيها وتأخيرُ صرفها لا يجوزُ، إذا كان هناكَ من يستحقّ؛ لأنها حقُّهم الواجبُ إيصالُه إليهم، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

27//ذو القعدة//1445هـ

04//06//2024م  

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق