بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5909)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
نحنُ الأخَوَانِ (س) و(م) ابنا (ش)، كان والدنا قد أوصى بوقف محله التجاري، وجعله صدقة جارية بعد مماته، وعَيَّنَنَا نحن الاثنين وصيين على تنفيذ هذه الوصية، وقد توفي الوالد، ولدينا بعض الأسئلة المتعلقة بهذه الوصية:
هل يعتبر مِن اختصاصنا إبرام عقد الإيجار لهذا المحل، وتحديد المستأجر المناسب، وتحديد قيمة الإيجار، ومدته، وإتمام الإجراءات الإدارية مثل الترخيص والضرائب، وصيانة المحل، واستلام كراء المحلِّ وتوزيعه على الوجه المنصوص عليه في الوصية؟
فالجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ الوصيَّ على تنفيذ الوقف هو الناظر على رعايته وتنفيذه وترميمه، فولداه -بمقتضى الوصية- يُعَدَّانِ ناظِرَيْنِ على هذا الوقف، وليس لأحدهما أن يَبُتَّ في شيء من أمر الوقف على انفراد، بل لا بد من توافقهما في كلِّ ما يريدان عمله في ما يتعلق بالوقف، والواجب على ناظر الوقف -وهما الولدان معا- أن يتولى تنميته، واستغلالَهُ وفق مصلحة الوقف، وصرفَ ريعه في المصرف الذي شرطه الواقف؛ لأن شرطَ الواقف كشرط الشارع.
ومن وجوه رعاية الوقف واستغلاله وفق مصلحة الوقف؛ أن يقوم الناظر على شؤون الوقف بنفسه، ويُحْسِنَ اختيارَ مُؤَجِّرِهِ، والنشاط الذي يؤجَّر فيه، ويُقَدِّرَ مُدَّةَ الإيجار الأصلح، ويطلب أجرة المثل فأكثر، ويقوم على صيانة المحل وترميمه من ريعه، قال القرافي رحمه الله: “وعَلى النَّاظِرِ فِي هَذهِ الْوُقُوفِ؛ يُؤَجِّرُهُ لِمَنْ شَاءَ مِنْ طَوِيلِ الْمُدَّةِ وَقَصِيرِهَا، بِمَا يَرَاهُ مِنَ الْأُجْرَةِ الْمُعَجَّلَةِ أَوِ الْمُؤَجَّلَةِ، بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَمَا فَوْقَهَا… ويَسْتَغِلُّ الأجرةَ الِاسْتِغْلَالَ الشَّرْعِيَّ، وَمَا حَصَلَ مِنْ رِيعِهِ بَدَأَ مِنْهُ بعمارتِه ومرمتهِ وإصلاحِه” [الذخيرة: 10/423].
وأما إجراءاتُ الترخيصِ والتسجيل ونحو ذلك؛ فيتَّبِعُ الناظرُ فيها عُرْفَ الناس، ولا يحمّل الوقف إلا ما يلزمه لاستمراره وتنميته، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
21//رجب//1446هـ
21//01//2025م