مسألة في تعليق الطلاق

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5955)

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

زوجي مريض منذ فترة طويلة، تعرَّض لعدة جلطات، وهو مصاب بمرض السكري وانخفاض ضغط الدم، ولا يستطيع الحركة وحده، وصار بذلك عصبيًّا، فطلَّقني مرتين لأسبابٍ لا تستدعي الطلاق، ثم علَّق الطلاق على دخولي غرفة النوم كل ليلةٍ عند أذان العشاء، وبقائي فيها معه الليل كله، ونيَّتُهُ بذلك أن أبقى معه مهتمةً به ما بقيَ مُستيقِظًا، فهل العبرة بلفظهِ، ويقعُ الطلاق إن تركتهُ في إحدى الليالي بعد نومهِ، أو العبرة بنيتهِ، ولا يقع الطلاق إن تركته بعد نومه؟ وإن وقع الطلاق بذلك، فهل يجوزُ لي أن أبقى معه في البيت دونَ أن ألتقيَ به؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالطّلاقُ المعلّق يقع إذا حصلَ الأمر المعلَّق عليه، عند جماهير أهلِ العلم؛ لمَا جاءَ عن نافع رحمه الله أنّه قال: “طَلّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ الْبَتّةَ إِنْ خَرَجَتْ، فَقَالَ ابْنُ عُمَر رضي الله عنهما: إِنْ خَرَجَتْ، فَقَدْ بُتّتْ مِنْهُ، وَإِن لَمْ تَخْرُجْ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ” [البخاري معلّقا: 45/7].

والنية تخصص لفظ اليمين بالله والطلاق، قال خليل رحمه الله في مختصره: “وَخَصَّصَتْ نِيَّةُ الْحَالِفِ وَقَيَّدَتْ إنْ نَافَتْ وَسَاوَتْ فِي اللَّهِ وَغَيْرِهَا كَطَلَاقٍ” [83].

عليه؛ فنيَّة المُطلِّق تخصصُ لفظه، فلا يقعُ بذلك الطلاقِ على الزوجة إن تركتْ زوجها ليلة من الليالي بعد نومِه، ولم تبقَ معه الليل كله، فإن تركته قبل نومه وقعَ الطلاق، وبانتْ منه بينونةً كبرى؛ فلا تحلُّ له إلا بعد زوج، ينكحُها نكاح رغبة، ثم يطلقها، أو يموت عنها، فإذا بانت منه صارتْ أجنبيَّةً عنه؛ فلا يحقُّ لها أن تعيش معه في منزلٍ واحد؛ فهو ذريعةٌ للخلوة بها، وأن يعاملَها معاملةَ الأزواج، ولا ضرورة لوجودها معه؛ لأن له ابنًا وبناتٍ يجبُ عليهم القيام بأمره، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الرحمن بن حسين قدوع

حسن بن سالم الشريف

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

09//رمضان//1446هـ

09//مارس//2025م