بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3315)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
قمنا بصيانة مركز التحفيظ بمنطقتنا، وفتحنا له بابًا مُطلًّا على قطعة أرض، واقعةٍ في مخطط طريق عام، لم يُنفذ إلى اليوم، وهي تبعد نحو عشرين مترا عن الطريقِ الرئيسي، وحسب المعلومات المتوفرة؛ فإن هذه القطعة كانت وقفا قبل دخولها في المخطط، وكان يستغلها شخص في الفلاحة بإذن الأوقاف، ثم أهملت، فسعى بعض الناس إلى تسجيلها في هيئة الأوقاف كمركز تحفيظ، وتم ذلك، فقام أهل المنطقة ببناء مركز تحفيظ وصالة للعزاء، على الجزء الذي لم يدخل في المخطط، وبقي الجزء الداخل في المخطط يستعمل من أهل المنطقة في صلاة الجنازةِ والجلوس للعزاءِ في الصيف وإيقافِ السيارات، وقمنا بعمل ممر خاص في طرف هذه القطعة بعرضِ مترين، من الباب الجديد للمركزِ إلى الطريق الرئيسي، وذلك بوضع صف واحد من طوب البناءِ الإسمنتي (بومشي)، مسندًا بعضه إلى بعضٍ بدون بِناء، وطرح الممر بالأحجار الصغيرة (الشرشور)، وذلك لمنع المعزّينَ من الجلوس، والسياراتِ من الوقوف أمامَ باب المركز، ولتسهيل دخول وخروجِ الطلاب عند الزحام، وكذلك حفاظًا على أنابيب جديدة للصرف الصحّي مِن كسر السياراتِ لها؛ لأنها غير عميقة، فما حكم اتخاذ هذا الممر؟ علما بأنه لم يعترض علينا أحدٌ، ولكن بعض المشايخ المدرسين في المركز يخشون مِن وجود حرجٍ شرعي.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ الطريقَ العام الواقع في المخطط قبل أن يفتحَ هو كالعدمِ، ولا يُعدّ طريقًا إلا بعد فتحِهِ، وهو الآنَ لا يزالُ على ملكِ المالكِ، لم يُنتزعْ منه، فاستعمالُه بأيّ صورةٍ من الصورِ؛ كالمرورِ منه، أو الجلوسِ فيه، أو فتحِ بابٍ عليه، أو بناء صالةٍ للمناسباتِ، أو مركز تحفيظٍ، أو غير ذلك؛ هو استعمالٌ لملك الغيرِ، يشترطُ فيه أخذُ إذنه.
وعليه؛ فإن كان الواقع ما ذكر في السؤال، فعلى أهل المنطقة أن يرفعوا الأمر إلى هيئة الأوقاف، لكي تعيدَ النظرَ في الإجراءاتِ التي أدَّت إلى تغييرِ الوقفِ، والتساهلِ فيه بالبناءِ عليه مجانًا، للصالةِ ومركزِ التحفيظِ، مما أدّى إلى استباحتِهِ، وجعلِهِ موقفًا للسياراتِ أو غير ذلكَ، ولو كانتِ الأرضُ ملكًا خاصًّا، لَمَا تساهلَ فيها أصحابُها على هذا النحوِ، فالمتعينُ الآنَ تسييجُها، والحفاظُ عليها، وأن تستثمرَ كما تستثمرُ الأملاكُ الخاصةُ، بأفضلِ ما يمكنُ، وذلكَ إلى حينِ تنفيذ المخططِ، والاستفادة من التعويضِ لصالحِ الوقفِ، فلا ينبغي أن يتمَّ استغلالُ الإنشاءات القائمة الآنَ على أرضِ الوقفِ، إلّا بأجرةٍ تُدفعُ للناظرِ، يصرفُها في مصرفِ الوقفِ الذي حددَهُ الواقفُ، حتى يتحققَ الغرضُ مِن الوقف، مع وجوبِ التزام الآدابِ الشرعيةِ، فيما يستعملُ في هذا المكانِ للمناسباتِ، ومنعِ المنكراتِ؛ لأن الحبس صدقةٌ جاريةٌ يُرجَى ثوابُها، فلا تستعملُ إلَّا فيما كانَ مشروعًا، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
06/رمضان/1438 هـ
01/يونيو/2017م