وصية صحيحة نافذة شرعا
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3558)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
جاء في الوثيقة التي أملاها السيد (س): أنه يوصي أن نجعل الثلث الواحد من سائر مخلفاته من كل ما لديه ويطلق عليه مال، لمن سيوجد لابنه (ح) من الذكور لو قدر الله، ثم على عقبهم وعقب عقبهم ما تناسلوا، وأذن الموصي لابنه المذكور أن يقبل ويحوز بعد وفاته لمن سيوجد له من الأولاد الذكور، وحضرن بناته، وهن: (م . ض . ر . ج . خ)، وأمضى الوصية المذكورة، وسلمن في بقية الحيوان والأثاث عدا العقار، فما حكم هذه الوصية؟ علما بأن ابنه (ح) قَبِل وحاز ما أوصى به والده في حياته، وبعدما رزق بالأولاد الذكور.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالوصية تنص على أن الميت قد حبّس ثلث مخلفاته، على من سيوجد من أبناء ابنه الذكور دون بناته، وما دامت الوصية جاءت في حدود الثلث، والاستثناء قد حصل من المحبِّس في الطبقة الثانية، فهي صحيحة؛ لكونهم من غير الورثة، ولا يُقصد منه حرمان وارث، والتحبيس نافذٌ شرعًا، قال الخرشي عند قول الشيخ خليل: “وعلى بنيه دون بناته”: “وكلام المؤلف في بنيه وبناته لصلبه، فيصح وقفه على بني بنيه دون بنات بنيه” [شرح الخرشي:82/7]، كما تصحُّ الوصية لمن سيوجد من الأبناء، قال الزرقاني شارحا لعبارة خليل في ما يصح من التحبيس: “(كمن سيولد) فيصح ويوقف لزومه، والغلة إلى أن يولد فيعطاها ويلزم” [138/7]، قال محمد عليش: “.. وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنْ يُوقَفَ الْمُوصَى بِهِ لِلْإِيَاسِ، وَهُوَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِمَوْتِ الْوَالِدِ ثُمَّ يُنْظَرُ، فَإِنْ لَمْ يُولَدْ لَهُ، أَوْ وُلِدَ وَلَمْ يَسْتَهِلَّ بَطَلَت الْوَصِيَّةُ، وَرَجَعَتْ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي، وَإِنْ وُلِدَ وَلَدٌ اسْتَهَلَّ صَارِخًا اسْتَحَقَّ الْوَصِيَّةَ، وَقُسِمَتْ عَلَى عَدَدِهِمْ إنْ تَعَدَّدُوا، إلَّا أَنْ يَنُصَّ الْمُوصِي عَلَى تَفْضِيلِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَمَنْ مَاتَ مِن الْأَوْلَادِ الْمُسْتَهِلِّينَ قَبْلَ الْإِيَاسِ فَنَصِيبُهُ لِوَارِثِهِ”[فتح العلي المالك:66/2].
وعليه؛ فإن الوصية نافذة شرعًا، توقف على أبناءِ ابنهِ الذكور دون الإناث ما تعاقبُوا، ينتفعونَ بها، ولا يتملكونَها، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
08/شعبان/1439هـ
22/إبريل/2018م