بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (891)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
اشتريت أرضاً محددة الحدود من شخص، ومع الأرض دامر، وجاء في وثيقة التنازل: (تنازلاً جائزاً ناجزاً بجميع الحقوق والطرق وسائر المرافق الشرعية)، فما المقصود بما جاء في الوثيقة: (وسائر المرافق الشرعية)؟ هل هو الدامر من الأرض، من سانية وجابية ومجرى ماء، فيحق لي إصلاحها، والاستفادة منها بالانتفاع، وأكون شريكاً فيها بذلك، أم لا؟ وإذا باع هذا الشخص بقية الأرض، فهل يحق لي الشفعة فيها، بسبب انتفاعي بالدامر من الأرض؟.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإذا كان الدامر من الأرض خارج حدود الأرض المبينة في وثيقة التنازل، ولم يكن الانتفاع به سابقاً زمن البيع، فهو خارج عن عقد البيع، وإنما المعتبر المرافق الداخلة في الأرض إلى زمن البيع، أو ما لايتم الانتفاع بالأرض إلا به، ولا عبرة بعموم لفظ الموثق، فهو مخصوص بما كان من المرافق الداخلة فيها، أو ما لا يتم الانتفاع بالأرض إلا به مثل: النهر الذي يشرب منه إن كان خارجاً عن الأرض والطريق، أو مجرى الماء الموصل إلى الأرض عندما كانت تحت ملك البائع، فإن هذه المنافع تنتقل إلى المشتري مع الأرض وإن لم ينص عليها، ففي المعيار المعرب قال أبو الحارث: “ولقد رأيت ذكر الأفنية في وثائق الأئمة من شيوخ بلدنا، مثل أبي صالح، وابن مزين، وجماعة غيرهم؛ لا يرون الأفنية الداخلة في البيع إلا الأفنية المملوكة، ولا يريدون بذلك، ولا يعنون الأفنية الخارجة عن ملك البائع. وكذلك معنى الموثق في ذكر الطريق، هذا ما عندي، والله أسأل التوفيق” [المعيار المعرب 235/1] وسئل أبو عمر أحمد بن محمد بن القطان : عمن باع داراً ينتظم بها حانوت، له باب يفضي منه إلى الدار، وباب آخر ينجز عليه، وعقد العقد وقيل فيه، بمنافعها،. وآخر باع دارًا تتصل بها جنة، محدق عليها، وليس لها باب ولا طرق إلا على الدار، وادعى المبتاع دخولها في صفقته، وخالفه البائع. .فأجاب : ” أما الحانوت فلا يدخل في بيع الدار، وإن كان له إليها باب مفتوح، إلا أن تحد وتشتمل عليها الحدود، وإلا فالحانوت غير الدار، وكذلك الجنة، إذا لم يقع تحديد لأنها غير الدار” [الإعلام بنوازل الحكام : 160].
ولا شفعة فيما قسم من الأراضي بعد تحديد الحدود، لقول جابر رضي الله عنه: ” قضى رسول صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق، فلا شفعة “[صحيح البخاري : 2099].
وقال ابن عبد البر: “لا شفعة فيما قد قسم وحدت فيه الحدود، وهذا ينفي الشفعة للجار، قريبا كان أو بعيدا، وإنما الشفعة في المشاع من العقار كله …، وكل ما يصلح فيه القسم، ويضرب فيه الحدود “[ الكافي : 436/1 ].
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
29/ربيع الأول/1434هـ
2013/2/10