طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوى

النفقة والسكنى والحضانة للمطلقة

ما يجب للمطلقة من طلاق بائن

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4415)

 

السادة المحترمون/ قضاة دائرة الأحوال الشخصية المستأنفة بمحكمة ع الابتدائية.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة، وبعد:

فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمنة طلب إبداء الرأي الشرعي حول ما ورد في الحكم الجزئي في الدعوى المرفوعة من السيد س، ضد السيدة ص .

الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فإن حكم القاضي بصحة وثبوت الطلاق، وأنه المكمّل للثلاث، بناءً على إقرار الزوج على نفسه بذلك؛ صحيح وتُعدُّ الزوجةُ به أجنبيةً عن مطلقها.

وأما الفقرة المتعلقة بنفقة المعتدة من طلاق بائن، فيجب إسقاطها من الحكم؛ لأن البائن لا نفقة لها، إن كانت غير حامل؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِن كُنَّ أُولاَتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: 5]، وفي الحديث: أنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ طَلَّقَهَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَفْصٍ ثَلاثًا، فَأَرْسَلَ إلَيْهَا وَكِيلَهُ بِشَعِيرٍ، فَسَخِطَتْهُ، فَقَالَ: وَاَللَّهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: (لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ) [صحيح مسلم: 1480]، قال الشّيخ ميّارة رحمه الله: “قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَبْتُوتَةِ: لَا نَفَقَةَ لَهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلاً” [الإتقان والإحكام: 1/255].

وأما ما يتعلق بالسكنى، فينبغي النص في الحكم على أن المطلقة بائنًا تجب لها السكنى مِن يوم الطلاق، في بيت الزوجية، وإذا كان البيت بالإيجار غير مملوك للزوج، فالأجرة على الزوج مدّة العدة؛ لقول الله عز وجل: ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بِيُوتِهِنَّ﴾ [الطلاق: 1]، وأمّا بعد الخروج من العدة، فالسكنى مدة الحضانة أجرَتُها تكون مقسومةً عليها وعلى الأطفال بالاجتهاد، فيجب عليها أن تدفع ما ينوبها من ذلك، وما ينوب الأطفال يكون على أبيهم، قال الدردير رحمه الله: “قَالَ سَحْنُون: سُكْنَى الطِّفْلِ عَلَى أَبِيهِ، وَعَلَى الْحَاضِنَةِ مَا يَخُصُّ نَفْسَهَا بِالِاجْتِهَادِ فِيهِمَا، أَيْ: فِيمَا يَخُصُّ الطِّفْلَ، وَمَا يَخُصُّ الْحَاضِنَ” [الشرح الكبير: 2/533].

وأما مقدار النفقة لكل طفل، فتقدره المحكمة حسب ما جرى به العمل، بما يتناسب مع الأسعار في البلد، وحال الوالد والولد يُسْرًا وَعُسْرًا في كل وقت بحسبه، فلا يكلف الغني مثل الفقير؛ لقول الله عز وجل: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 233]، وقوله سبحانه وتعالى: ﴿لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا ءَاتَاهُ اللهُ﴾ [الطلاق: 7].

وأما إعطاء أجرة للحاضنة -الوارد في الحكم- فهو جائز؛ بناء على أن الحضانة حقٌّ للمحضون، فيجب على الأب أجرة للحاضنة؛ نظير حضانتها وخدمتها للمحضون؛ لأنها من أسباب الكفاية كالنفقة للمحضون، قال الوزّاني رحمه الله: “يَلْزَمُ الشَّرِيفَ المُطَلِّقَ… الْأُجْرَةُ عَلَى مُجَرَّدِ الْحَضَانَةِ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَهْوَ الصَّوَابُ” [النوازل الصغرى المسماة المنح السامية: 2/525].

وأما الخمسة آلاف المطلوب دفعها من الزوج للضررِ فتضاف للألف، ويكون المبلغ كله 6000 ستة آلاف باسم متعة الطلاق؛ لأن التعويض عن ضرر الطلاق، داخلٌ في المتعة، قال ابنُ عبد البر رحمه الله، مُبيّنًا مقدار متعة الطلاق: “وَهْيَ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ وَلاَ مَحْدُودَةٍ، لاَ مَعْلُومٌ مَبْلَغُهَا، وَلاَ مَعْرُوفٌ قَدْرُهَا مَعْرِفَةَ وُجُوبٍ، بَلْ هِيَ عَلَى الْمُوسِعِ بِقَدْرِهِ، وَعَلَى الْمُقْتِرِ أَيْضًا بِقَدْرِهِ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ، كَمَا قَالَ اللهُ عز وجل” [الاستذكار: 17/276]، فلا يخصص من المبلغ جزء باسم الضرر، والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

عبد الدائم بن سليم الشوماني

 

الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

30//رجب//1442هـ

14//03//2021م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق