طلب فتوى
التبرعاتالعباداتالفتاوىالمساجدالمعاملاتالوقف

الدفن في مقبرة قديمة من جديد

الدفن في أرض موقوفة على مسجد

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4430)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

توجد لدينا مقبرة بمحلة أولاد المرغني بمنطقة سوق الجمعة، تعذر الدفن فيها؛ لامتلائها، وتوجد بالمنطقة قرب المقبرة قطعة أرض موقوفة على مسجد الشيخ أحمد المرغني، فهل نعيد الدفن في المقبرة المذكورة بعد ردمها، أو نقوم بتحويل قطعة الأرض الموقوفة إلى مقبرة؟ علما أن فيها بناء لشخص قد اكتراها منذ مدة.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالأصل أن لا يُتصرف في المقبرة بأيّ نوعٍ من أنواع التصرّف؛ لأن القبر حبس على صاحبه ما دامَ فيه، ويحرمُ نبشُه، مادام به شيءٌ من عظامِه غير عَجْب الذَنَب، قال ابن الحاج رحمه الله: “… وَذَلِكَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ رَحْمَةُ اللَهِ عَلَيْهِمْ قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي يُدْفَنُ فِيهِ الْمُسْلِمُ وَقْفٌ عَلَيْهِ، مَا دَامَ شَيْءٌ مِنْهُ مَوْجُودًا فِيهِ، حَتَّى يَفْنَى، فَإِنْ فَنِيَ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ دَفْنُ غَيْرِهِ فِيهِ، فَإِنْ بَقِيَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ عِظَامهِ فَالْحُرْمَةُ بَاقِيَةٌ لِجَمِيعِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْفَرَ عَلَيْهِ وَلَا يُدْفَنَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَلَا يُكْشَفَ عَنْهُ اتِّفَاقًا” [المدخل: 2/18-19]، وقال الدردير رحمه الله: “(وَلَا يُنْبَشُ) أَيْ يَحْرُمُ (مَادَامَ) الْمَيِّتُ أَيْ مُدَّةَ ظَنِّ دَوَامِ شَيْءٍ مِنْ عِظَامِهِ غَيْرَ عَجْبِ الذَّنَبِ (بِهِ)” [الشرح الكبير على مختصر خليل: 1/428]، ولأن فيه إيذاءً للأموات، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كَسْرُ عَظْمِ المَيّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا) [أبوداود: 3207]، إلا إذا تبينَ أنّ العظامَ قد بليت تمامًا، وصارت رميمًا، فإنّه يجوز حينئذ الدفنُ فيها من جديدٍ، قال الدردير رحمه الله: “… إذَا عُلِمَ أَنَّ الأَرْضَ أَكَلَتْهُ، وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ عِظَامِهِ، فَإِنَّهُ يُنْبَشُ؛ لَكِنْ لِلدَّفْنِ …” [الشرح الصغير: 1/578].

عليه؛ فإذا تحققتم مِن فناء عظام الموتى، وأنها صارت ترابًا، واستعنتم في ذلك بأهلِ الخبرة والمعرفة، جاز لكم ردم المقبرة والدفن فيها من جديد، أمّا إن تبين أن العظام لم تبلَ، فلا يجوز الدفن في هذه المقبرة، ويجوز الدفن في الأرض الموقوفة على المسجد المذكور، بعد انتهاء عقد الكراء، قال الباجي رحمه الله: “إذَا كَانَ الْحَبْسَانِ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ فَلَا بَأْسَ بِصَرْفِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ نَقْلِ الْمَقْبَرَةِ إلَى الْمَسْجِدِ وَيُدْفَنُ الْمَيِّتُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى سَبِيلِ التَّوَسُّعِ” [المنتقى: 6/130].

والباني مخير بعد انتهاء العقد؛ بين أن يهدم البناء ويأخذ نقضه، أو يُعطى قيمته منقوضًا، قال الدردير رحمه الله: “(وَإِنْ) (بَنَى، أَوْ غَرَسَ مُحَبَّسٌ عَلَيْهِ) … وَمَفْهُومُ “مُحَبَّسٌ عَلَيْهِ” أَنَّهُ لَوْ بَنَى أَجْنَبِيٌّ كَانَ لَهُ مِلْكًا فَلَهُ نَقْضُهُ، أَوْ قِيمَتُهُ مَنْقُوضًا” [الشرح الكبير: 4/96]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

15//شعبان//1442هـ

29//03//2021م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق