طلب فتوى
الأيمان والنذورالفتاوى

الكفارة في حنث اليمين

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3465)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

سبق لي الاشتغال بمهنة تحرير العقود، وذلك منذ سنة 1977م، بعد صدور القرار بمنحي رخصة المزاولة من الإدارة العامة للقانون، وكان من ضمن شروط هذه المهنة أداء اليمين القانوني، وكان لفظه: “أقسم بالله العظيم أن أؤدي أعمالي بالأمانة والصدق، وأن أحافظ على المهنة، وأن أراعي تقاليدها، وأن أحترم القانون والنظام”، وكان لا بد لي من اتخاذ موظف في المكتب، يعينني فترة وجودي فيه، ونظرًا لانشغالي معظم الوقت خارج المكتب، لاستكمال الإجراءات المتعلقة بالعقود والشركات والتسجيل العقاري وغيره، فوّضت الموظف المذكور، ومنحته بعض الاختصاصات، من حصول الإيجاب والقبول أمامه، وإتمام المعاملات، والإشراف عليها، وذلك ليتم سير العمل بلا عرقلة، حتى أكسب رضا الزبائن، وبعد انقسام محكمة طرابلس الابتدائية إلى شمال وجنوب، اتفقت مع أحد زملائي بأن يقبل المعاملات التي هي من اختصاصي، ويحيلها على مكتبي، وأنا بدوري أفعل ذلك معه، وهذا الإجراء أيضا يُعدّ مخالفًا للائحة محرري العقود، وبناء على ما تقدّم؛ هل يعتبر فعلي هذا موجبا للكفارة عن نقض اليمين المذكورة، وكيف تحسب الكفارات؛ هل على عدد المعاملات، أم على عدد الموقعين في كل معاملة؟ علما بأن المعاملات التي قمتُ بإجرائها من التاريخ المذكور تُعدّ بالآلاف، ويعسر عليّ حدّها وحصرها، وأنا الآن نادم على ما حدث مني، وأقر بذنبي، وأريد أن أريح ضميري، وقد فعلت الخير لأكفر عن فعلتي هذه، ومنها أنني أُدرِّسُ القرآن لمدة عشر سنوات ولم أتقاض مرتبًا، فماذا يجب عليّ الآن لأكفر عن ذنبي؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن ما فعلته أيام عملك في مهنة محرر العقود من التجاوز في الاجراءات يستوجب الحنث في اليمين التي حلفتها؛ فيجبُ عليك التوبة النصوح، والندم على ما فات، ومن تاب تاب الله عليه، قال تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الفرقان:70]، أما عن حكم الكفارة، فعليك كفارة واحدة عن كل هذه الأفعال، فمن حلف أن لا يفعل شيئا مثلا – كما في السؤال – ثم فعله عدة مرات، فلا تتكرر الكفارة بتكرار الفعل، إلا إذا نوى أنه كلما تكرر الفعل حنث، أو كان العرف يقتضي ذلك، قال الدردير: “(وتكررت) الكفارة (إن قصد) بيمينه (تكرر الحنث) كقوله: والله لا كلمت زيدا، ونوى أنه كلما كلمه لزمه الحنث، فتكرر بتكرر المحلوف عليه (أو كان) تكرر الحنث (العرف) أي كان التكرر يستفاد منه لا من مجرد اللفظ” [الشرح الكبير: 135/2].

وعليه؛ فإن لم تنو تكرر اليمين فلا كفارة عليك إلا واحدة، والله يوفقك للتوبة النصوح، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

أحمد محمد الكوحة

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

29/ربيع الآخر/1439هـ

16/يناير/2018م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق