طلب فتوى
الآداب والأخلاق والرقائقالأسرةالفتاوى

تعنيف الوالد المريض عقليا

معاملة الوالدين بالحسنى

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4337)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

والدي مريض عقليا، يُدرك أحيانا، وفي كثير من الأحيان يتصرفُ مثل الأطفال، ينزع ملابسه في الشارع أحيانًا، ويضايقُ الجيران بالدخول عليهم في منازلهم، وتلطيخ فرشهم بالنجاسة، فاشتكى منه الجيران، وطلبوا منا منعه من الخروج، فاضطررنا إلى قفل البابِ وإعطائه أدوية منومة، لكنه يصر على الخروج، ويعبث ببعض الأشياء إن منعناه، فاضطررنا إلى دفعه بالقوة أحيانا، ونهره أحيانا أخرى، وتصرفُنا هذا بعد وقوعه يُشعرنا بالندم وتأنيب الضمير؛ خوف عذاب الله وغضبه، والله شهيد على أننا لا نريد إيذاءه وإضراره، ولكن نريد كف أذاه، وتهذيب سلوكه، فهل يلحقنا إثم بتعنيفه؟ فنحن إن كلمناه بالحسنى اعتذر وقال: لن أعود لهذا الفعل، ثم ما يلبث أن يعود لسابق عهده.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فقد عظم الله حقَّ الوالدين، وأوجب على الأبناء القيام بحقوقهم ومعاملتهم بالحسنى، فقال تعالى: ﴿أَنُ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾[لقمان: 14]، وقال تعالى:﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا﴾[الأحقاف: 15]، ويتأكد الوجوب حالة الكبر؛ لتغير الحال عليهما بالضعف، قال تعالى:﴿ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَآ أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيماً ﴾ [الإسراء: 23]، والمرض من الضعف، فالواجب فيه آكد.

وعليه؛ فإن كان الواقع ما جاء في السؤال، فيجبُ عليكم برُّ أبيكم بإبقائه في البيت لستره وكف أذاه، والاهتمام به، ورعايته، والعناية به، بتلطفٍ ولينٍ قدر المستطاع، وأن تتناوبوا على بقائكم معه في البيت، بحيث لا يجد فرصة للخروج، ومنعكم له من الخروج في هذه الحالة التي يترتب عليها ضرر بالآخرين، لا يعد عقوقا، ولكن مدافعته لا بد أن تكون باللين ما أمكن، فالموفقُ الذي يغتنم فرصةَ خدمة والديه وقت حاجتهما إليه، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

عبد الدائم بن سليم الشوماني

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

13//جمادى الأولى//1442هـ

28//12//2020م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق