حكم إيداع الأموال في البنوك الأجنبية الربوية

بسم الله الرحمن الرحيم

رقم الفتوى (     )

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

إذا أودعت الدولة المسلمة أموالها في المصارف القائمة على الربا في دول الغرب، هل يطال الإثم ولي الأمر فقط، أم يطال الإثم الرعية جميعا؟ وهل التعاملات الربوية الجارية في مصارفنا يعود الإثم فيها على ولي الأمر فقط، أم يطال الإثم المسلمين جميعا؟ وإذا تعامل بعض الناس بالربا بشكل شخصي، فعلى من يكون الإثم، وإذا انتشر الربا في بلاد الإسلام، فهل يصدق عليهم أنهم قد دخلوا في حرب مع الله ورسوله؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنه مما لا شك فيه أن الربا من أعظم المنكرات، وأشد الموبقات، وهو سبب في محق البركة، ونزول البلاء، وانتشار الأوبئة والأسقام، وزوال النعم، وتبديل الأمن مخاوف، وزعزعة الاستقرار، بل لم يعرف في كتاب الله، ولا سنة رسوله صلى الله عليه و سلم، أنه توعد على ذنب بعد الإشراك بالله، كما توعد على الربا، حتى توعدهم بنار الكافرين، قال جل شأنه: “واتقوا النار التي أعدت للكافرين”، وعن البراء بن عازب رضي الله عنه مرفوعا: “الربا اثنان وسبعون بابا، أدناها مثل إتيان الرجل أمه”، ويكفي في بيان قبحه، وعظم جرمه، عند الله قول الله تبارك وتعالى: “ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون”، فالواجب على المسلمين جميعا الحذر من الربا، والتوبة لله جل وعلا.

أما بشأن الأموال المودعة في المصارف القائمة على الربا خارج البلاد، فالواجب على حكام المسلمين أن يتقوا الله في هذه الأموال، ويودعوها في المصارف القائمة على الصيرفة الإسلامية، وليس على الرعية من إثم إذا لم يرضوا بذلك كل بحسبه، والإثم على من أمر بذلك، أو أعان أو رضي به، وإذا انتشر الربا في بلاد المسلمين أوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده، ما لم يأمروا بالمعروف، وينهوا عن هذا المنكر العظيم، كل حسب استطاعته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من رأى منكم منكرا فليغيره بيده”، والتغيير باليد هو لولاة الأمر. والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا