طلب فتوى
البيعالعقيدةالفتاوىاللباس والزينةالمعاملات

حكم اتخاذ الصور المجسمة لذوات الأرواح في الأماكن العامة والخاصة

حكم تماثيل الحيوانات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4457)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

تقدمتُ إلى بلدية طرابلس بمشروع نافورة، بها مجسمٌ على هيئة عربةٍ تجرها الخيول، لكن الخيول محفورة الجسد، بحيث لا تعيش إذا نفخ فيها الروح، فما حكم تنفيذ هذا المجسم؟

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التصوير ـ وهو نحت الأشياء على صورة ذوات الأرواح ـ وحذر منه تحذيرًا شديدًا، ففي الصحيح عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنها ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير، فذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِندَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) [البخاري: 417]، وعن سعيد بن أبي الحسن قال: كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما، إذ أتاه رجل فقال: يا ابن عباس، إني إنسان إنما معيشتي من صنعة يدي، وإني أصنع هذه التصاوير، فقال ابن عباس: لا أحدثك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته يقول: (مَنْ صَوَّرَ صُورَةً، فَإِنَّ اللهَ مُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيَها أَبَدًا، فَرَبَا الرَّجُلُ رَبْوَةً شَدِيدَةً، وَاصْفَرَّ وَجْهُهُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ، إِنْ أَبَيْتَ إِلاَّ أَن تَصْنَعَ، فَعَلَيْكَ بِهَذَا الشَّجَرِ، كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ) [البخاري: 2112].

لكن الحرمة تنتفي إذا فُقد مِن الصورة عضوٌ من الأعضاء الظاهرة، لا تكونُ الحياة إلا به، كالرأس، فعن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (أَتَانِي جِبْرِيلُ عليه السلام فَقَالَ لِي: ‌أَتَيْتُكَ ‌الْبَارِحَةَ فَلَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَكُونَ دَخَلْتُ إِلاَّ أنَّهُ كَانَ عَلَى الْبَابِ تَمَاثِيلُ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ قِرَامُ سِتْرٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ كَلْبٌ، فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمثَالِ الَّذِي عَلَى بَابِ الْبَيْتِ يُقْطَعُ فَيَصِيرُ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ، وَمُرْ بِالسِّتْرِ، فَلْيُقْطَعْ، فَيُجَعَلُ مِنْهُ وِسَادَتَانِ مَنبُوذَتَانِ تُوطَآنِ، وَمُرْ بِالْكَلْبِ فَلْيُخْرَجْ، ففعل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وإذا الكلبُ لحَسَنٍ أو حُسين، كان تحتَ نَضَدٍ لهم، فأمر به فأخْرِجَ) [أبوداود: 4158]، وقال ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: “الصُّورَةُ الرَّأْسُ، فَإِذَا قُطِعَ الرَّأْسُ فَلَيْسَ بِصُورَةٍ” [البيهقي: 14580].

عليه؛ فيجوز بناء هذا التمثال على صورة عربة تجرها الخيول، إن كانت الخيول مقطوعة الرأس، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي امحمد الجمل

حسن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

28//شعبان//1442هـ

11//04//2021م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق