طلب فتوى
الحج والهدي والأضاحيالعباداتالفتاوى

حكم الالتزام بالشروط التي اشترطتها الدولة لتنظيم شؤون الحج

حكم التحايل على هذه شروط تنظيم الحج ومخالفتها

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4840)

 

السيد المحترم/ وزير الدولة لشؤون رئيس الحكومة ومجلس الوزراء.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…

تحية طيبة، وبعد:

فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمنة السؤال عن حكم المشاركة في القرعة لمن سبق له الحج، في إطار تنظيم الحكومة لشؤون الحج واشتِراطِها ألا يدخل من سبق له الحجُّ القرعَةَ؛ حتى تتاح الفرصة لمن لم يحج؟ وعن حكم أخذ غير المستحق للدعم الحكومي إذا قررت الحكومة دعما ماليا للحجاج واشترطت أنه لا يعطى إلا لمن لا يملك القدرة على دفع نفقات الحج، أو بالقدر الذي يعين الحاج ويمكنه من الحج؟

الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فالالتزام بالشروط التي اشترطتها الدولة لتنظيم شؤون الحج واجب؛ لأنه منظور فيها إلى تحصيل المصلحة العامة، ودفع المفسدة، ولما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ) [البخاري: 2721]، ومن ذلك اشتراطُ عدم الحج سابقا للدخول في قرعة الحج، خاصة في هذه الأزمنة التي حدد فيها عدد الحجاج من كل دولة، وقُلِّصَ بعد جائحة كورونا، ومن خالف هذا الشرط فقد منع حق غيره من الناس، وهذا من الظلم والتعدي الذي حرمه الله تعالى على عباده، يقول الله تعالى في الحديث القدسي: (يَا عِبَادِي؛ إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُم مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا) [مسلم: 2577].

وأما أخذ غير المستحقين للدعم فهو من الغلول وأكل أموال الناس بالباطل، والله تعالى يقول:﴿وَمَنْ يَّغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [آل عمران:161]، ويقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [النساء: 29]، وقد اتفق الفقهاء على تحريم الحج بالمال الحرام، وذهب بعضهم إلى إبطال حجه وعدم صحته؛ لأن السبب غير مشروع؛ فلا تترتب عليه آثاره، وهو مروي عن مالك، ذكر ذلك ابن رشد وابن فرحون وغيرهما، وهو مذهب أحمد [مواهب الجليل: 2/528]، وذهب بعضهم إلى صحته؛ لكنه حج غير مقبول، ومؤدَّى هذين القولين أنه حج غير مقبول، ولا يثاب عليه باتفاق العلماء، والذي يريد أن يكون حجه مبرورا ودعاؤه مقبولا عليه أن يُطيب نفقةَ حجه؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ [المائدة:27].

كما أن التحايل على هذه الشروط ومخالفتها من الكذب والغش المحرمِ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا) [مسلم: 146]، فكيف يليق بمن يريد أداء هذه الشعيرة العظيمة أن يتوصل إليها بالظلم والكذب والغش وأكل مال الناس بالباطل.

عليه؛ فلا يجوز لمن سبق له الحج أن يشارك في القرعة، فإن شارك فقد توصل إليه بطريقة غير مشروعة؛ فلا يجوز له الحج، كما يحرم على غير المحتاج أن يأخذ من الدعم المالي المقدم من الدولة؛ لأن الدولة أعطته للحاج لوصفٍ فيه وهو الحاجة، فلا يجوز لمن لم يتحقق فيه هذا الوصف أن تمتد يده إلى هذا الدعم، وإلا كان آثما متعديا، والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الرحمن بن حسين قدوع

حسن بن سالم الشريف

 

الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

21//شوال//1443هـ

22//05//2022م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق