طلب فتوى
الحج والهدي والأضاحيالعباداتالفتاوى

حكم الشرع في حرمان فئة معينة من المجتمع من الحجّ هذا العام

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5226)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

مكنت الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية السيدات الأجنبيات (زوجات المواطنين الليبيين) من قرعة الحج لعام 2020م، فخرج في القرعة 135 زوجة، كلٌّ مع مرافقها، لكن المنظومة الإلكترونية للحصول على التأشيرات لم تقبل جوازاتِ سفرهم؛ لكونها ليستْ ليبية، فراسلت الهيئة العامة لشؤون الحج والعمرة السلطات السعودية، بتاريخ: 2023/5/10م، بشأن الموافقة على تمكين الأجنبيات زوجات المواطنين من أداء فريضة الحج، ضمن البعثة الليبية، فجاء الردُّ من السلطات السعودية بالموافقة، ووصل الهيئة بتاريخ: 2023/6/6م، لكن الهيئة قررت حرمان زوجات المواطنين ممن خرج في القرعة من الحج هذا العام، على أن تكونَ لهم الأولوية في حجِّ العام القادم دونَ قرعة، واحتجت الهيئةُ بوصول الموافقة بعد تمام كافةِ الإجراءاتِ الخاصة بالحجاج، بمختلفِ مناطقِ ليبيا، وإدراج بياناتهم ضمن المسار الإلكتروني، وصدور جزء كبير من التأشيراتِ، حسب ما جاء في خطاب الهيئة لرئيس الحكومة، فما حكم الشرع في حرمان هذه الفئة من الحجّ هذا العام؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإذا كان قرار الهيئة بتأجيل حج الأجنبيات زوجات المواطنين، ناتجًا عن تأخر وصول الموافقة من السلطات السعودية، حتى خيفَ ضياعُ حصتهم، وتعذرُ الاستفادةِ منها ضمنَ بعثة هذا العام، فلا شيء – حينئذ – على الهيئة فيما فعلته؛ لأنه مبنيّ على حفظ المصالح، أما إذا أمكن إتمام الإجراءاتِ حتى في وقتٍ متأخرٍ عن وصول الموافقة، سواء لهذه الفئة أو مَن سيحل مكانهم، واستعجلتِ الهيئة في استبدالِ هذه الفئة، فقرارُها حينئذ فيه ظلم.

وهذا ليس خاصًّا بحصة هذه الفئة من الحجاج، بل كلُّ فئة لها عدد مخصصٌ ضمن اللوائح المنظمة لهيئة الحج، لا يجوزُ استقطاع شيء منها لصالح فئةٍ أخرى، سواء كانت لصالح المسؤولين في هيئة الحجِّ، أو مسؤولين في جهات رسمية أخرى في الدولة، يسترضونَ بهم من يريدونَ من أسرهم أو مَن يلوذ بهم، وهذا كله لا يحل؛ لأن فيه منعًا لأصحاب الحقوق – الذين هم مستهدَفون بالقرعة – من حقِّهم، واستبدالهم بغيرهم، وغشًّا ممن يفعل ذلك من المسؤولين – في الهيئة أو في غيرها – لما استرعاهم الله عليه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لاَ يَسْتَرْعِى اللَّهُ عَبْدًا رَعِيَّةً يَمُوتُ حِينَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لَهَا إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) [مسلم: 381]، ومن حقِّ المستحقين للحج – حينئذ – المطالبة بحقهم، والسعي في تحصيله بالطرق القانونية.

وتفاديًا لهذه المخالفات؛ ينبغي أن تصدرَ لوائح من رئاسة الحكومة، تقننُ الأعداد المخصصة من الحجاج من طرفِ الحكومة السعودية، بحيث تحددُ في هذه اللوائح العدد الكليّ المستهدف من الحجاج عن طريق القرعة، والعددَ المخصص للبعثات الإدارية والدينية والطبية وغيرهم من اللجان، وتحدد أيضًا في هذه اللوائح العدد المخصص للمجاملات، ومَن يستحقهُ بصفته الوظيفية ونحوها في الدولة، بحيث لا يبقى هذا الاستقطاعُ من العدد الكلي للقرعة خاضعًا للأهواء والعشوائية، يتحكم فيه مزاجُ بعض المسؤولين، كما هو الآن، فذلك ظلمٌ يجب ألَّا يتكررَ، وتجبُ معالجتُه، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الدائم بن سليم الشوماني

عبد الرحمن بن حسين قدوع

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

07//ذو الحجة//1444هـ

25//06//2023م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق