حكم جنايات السكران
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (583)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
شخص قاد سيارته وهو سكران، فتسبب في وفاة شخصين، فما يلزمه؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فيجب على الشخص المذكور المسارعة إلى التوبة من السكر قبل فوات الأوان، فتناول المسكر من أعظم الكبائر، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنْتهُونَ}، وقال رسول صلى الله عليه وسلم: “ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن” رواه البخاري (6772) ، ومسلم (57)، وهي مفتاح كلّ شر؛ لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: “ولا تشربِ الخمْر؛ فإنَّها مفتاح كلِّ شرٍّ ” رواه ابن ماجه (4170)، والواجب على السائق المذكور ديتان وكفارتان، دية وكفارة لكل من تسبب في قتله خطأ؛ لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}، والدية تجب على العاقلة، وهي العصبة والقبيلة، لا على القاتل وحده، وله أن يتصالح مع أهل القتيل على أيِّ مبلغ يتفقان عليه برضاهما، وتجب عليه الكفارة صيام شهرين متتابعين لكلّ قتيل، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
30/ذو القعدة/1433هـ
2012/10/16