طلب فتوى
الجهاد والجزيةالحدود و الجناياتالصلاةالفتاوىفتاوى الثوار

قتال الفئة الباغية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (2184)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

ما حكم القتلى الذين يسقطون في جبهات القتال مع فجر ليبيا، ضد البغاة والخارجين؟ وما حكم تغسيلهم والصلاة عليهم؟ وهل هم في جهاد والقتلى يعدون من الشهداء؟ لاسيما وقد لبس بعض الناس على الثوار المقاتلين، بأن القتال قتال فتنة، مما سبب في تطبيثِ همة الثوار، والحزن لأهالي القتلى.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فما يقوم به الثوار الذين خرجوا نصرة للحق، غيرة لدينهم ووطنهم، وطاعة لولي الأمر الذي كلفهم بقتال البغاة الخارجين على شرعية الدولة، هو من القتال الذي أمر به الله تعالى؛ قال تعالى: )وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ(، قال الإمام القرطبي: “في هذه الآية دليل على وجوب قتال الفئة الباغية، المعلوم بغيها على الإمام، أو على أحد من المسلمين، وعلى فساد قول من منع من قتال المؤمنين” [تفسيرالقرطبي:317/16]، ومَن قُتل منهم، وهو يبتغي وجه الله تعالى، والدار الآخرة، فهو من الشهداء، قال الإمام النووي: “قالوا: وهذا الفضل وإن كان ظاهره أنه فى قتال الكفار، فيدخل فيه من خرج فى سبيل الله فى قتال البغاة وقطاع الطريق، وفى إقامة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ونحو ذلك” [شرح النووي:22/13]، لكن يكفنون، ويغسلون، ويصلى عليهم، وليس كل شهيد لا يصلى عليه، قال أبو محمد بن حزم: “فصح أن من قتله البغاة فإنما قتل على أحد هذه الوجوه [وجوه الشهادة]، فهو في ظاهر الأمر شهيد، وليس كل شهيد يدفن دون غسل ولا صلاة، وقد صح أن المبطون شهيد، والمطعون شهيد، والغريق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمرأة تموت بجُمْعٍ شهيد، وصاحب الهدم شهيد، وكل هؤلاء لا خلاف في أنهم يغسلون، ويكفنون، ويصلى عليهم، والأصل في كل مسلم أن يغسل ويكفن ويصلى عليه، إلا من خصه نص، أو إجماع، ولا نص، ولا إجماع، إلا فيمن قتله الكفار في المعترك، ومات في مصرعه، فهؤلاء هم الذين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزملوا بدمائهم في ثيابهم، ويدفنوا كما هم دون غسل، ولا تكفين، ولا يجب فرضا عليهم صلاة، فبقي سائر الشهداء والموتى على حكم الإسلام في الغسل والتكفين والصلاة” [المحلى بالآثار:108/11].

وليس القتال الواقع الآن من قتال الفتنة التي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم باجتنابها، وإنما الفتنة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم باعتزالها ولزوم البيوت، هي التي يختلط فيها الحق بالباطل، ولا يعلم المحق من الطرفين، قال ابن حجر العسقلاني: “والمراد بالفتنة ما ينشأ عن الاختلاف في طلب الملك، حيث لا يعلم المحق من المبطل” [فتح الباري:31/13]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

محمد الهادي كريدان

أحمد ميلاد قدور

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

06/ربيع الآخر/1436هـ

2015/01/27م

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق