طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالمواريث والوصاياالهبة

كيف يقوم بناء ابن بنى فوق بيت والده بإذنه؟

هل يقوم البناء منقوضا أم قائما فيمن بنى فوق بيت والده بإذنه؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4905)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

بنى أخوايَ شقتين فوق منزل أبي بإذن منه، سنة 2009م، من نفقتهما الخاصة، فهل لهما حق -بعد وفاة أبي- في الشقتين؟ وإن كان لهما حق فيهما، فكيف تقدَّر قيمة البناء؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإذن الأب لابنه بالبناء على الأرض أو السطح لا يُعدُّ هبة له، فقد ذهب ابن مزين ومن تبعه إلى أن هذا القول من الأب للابن لا يفيد التمليك ولا يعد إذنا على الحقيقة، وليس له إلا قيمة بنائه منقوضًا، قال ابن مُزَيْنٍ رحمه الله: “مَنْ قَالَ لاِبْنِهِ اعْمَلْ فِي هَذَا الْمَكَانِ كَرْمًا أَوْ جَنَانًا أَوِ ابْنِ فِيهِ دَارًا فَفَعَلَ الْوَلَدُ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ، وَصَارَ الْأَبُ يَقُولُ كَرْمُ ابْنِي وَجَنَانُ ابْنِي، فَإِنَّ الْقَاعَةَ لاَ يَسْتَحِقُّهَا الابْنُ بِذَلِكَ وَتُورَثُ عَنِ الْأَبِ، وَلَيْسَ لِلِابْنِ إِلَّا قِيمَةُ عَمَلِهِ مَنْقُوضًا … وَقَدْ يَكُونُ مِثْلُ هَذَا كَثِيرًا فِي النَّاسِ فِي الْوَلَدِ وَالزَّوْجِ وَلاَ يُرِيدُونَ بِهِ التَّمْلِيكَ”[منح الجليل: 8/182].

وهذا الحكم -وهو عدم تمليك الأرض وإعطاء الابن قيمة البناء منقوضا- مبني على العرف في ذلك الوقت، فإذا تغيَّر العرف تغيَّر الحكم، قال العجماويرحمه الله: “وَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ مِلْكًا لَهُ لِلْعُرْفِ فِي تَطْمِينِ الْأَبْنَاءِ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ، وَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ هَذَا لِأَجْنَبِيٍّ كَانَ فِي مَعْنَى الْهِبَةِ” [شرح المختصر: 347]، وقال ابن رحال رحمه الله: “… وَإِنَّمَا كَانَ لِلِابْنِ قِيمَةُ مَا بَنَاهُ مَنْقُوضًا؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ جَارٍ بِتَطْيِيبِ الْأَبِ خَاطِرَ الْوَلَدِ، وَلَوْ كَانَ قَالَ هَذَا لِأَجْنَبِيٍّ لَمْ يَكُنِ الْحُكْمُ كَذَلِكَ … وَالرُّجُوعُ لِلْعُرْفِ هُوَ الْوَاجِبُ فِي هَذَا، فَإِنَّ الْآبَاءَ لَا يَقْصِدُونَ مَا قَالَهُ ابْنُ مُزَيْنٍ” [فتح الفتاح: 10/17ب]، ومثل هذا القول من الأب للابن في زماننا وإن كان لا يعدّ هبةً للأرض والبقعة، فإنه يقتضي الإذن لابنه بالبناء حقيقة، وليس مجرّد تطييب خاطر، وعليه؛ فإنه يقضى للابن بقيمة بنائه قائما عند مقاسمته مع باقي الورثة، كما أشار إليه ابن رحّال والعجماوي.

وبذلك؛ يستحقُّ الابنانِ قيمة البناء قائمًا، حيث يُقوَّم منزل الأب مع الأرض فقط، ثم يقوَّمُ مع الأرض والشقتين اللتين بنيتا فوق بيت الأب، فيُعطى الابنان البانيان للشقتين ما زاده البناء على قيمة المنزل مع الأرض، ثم يقتسمان الزيادة كل بنسبته، ثم تقسَّمُ قيمة المنزل مع الأرض على الفريضة الشرعية، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

15//ذي الحجة//1443هـ

14//07//2022م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق